الذي رأيته هلك، فمنعه الحزن - أسفا عليه وتذكرا (1) له - أن يحضر الحلقة، فلقيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله عن ابنه (2)، فأخبره بهلاكه (3) فعزاه، وقال: (يا فلان، أيما كان أحب إليك: عن تمتع به عمرك، أولا تأتي غدا بابا من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه، يفتحه (4) لك؟) قال: يا نبي الله، لا، بل يسبقني إلى باب الجنة أحب إلي، قال: (فذلك لك) (5) فقام رجل من الأنصار، فقال: يا نبي الله، أهذا لهذا خاصة، أم من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك؟ قال: (بل من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك) (6).
الحلقة بإسكان الأم بعد فتح الحاء: كل شئ مستدير خالي الوسط، والجمع حلق بفتحتين، وحكى فتحه في (الموجز) وهو نادر.
وعن زرارة بن أوفى: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عزى رجلا على ابنه فقال: (أجرك على الله، وأعظم لك الأجر) فقال الرجل: يا رسول الله، أنا شيخ كبير، وكان ابني قد أجزأ عني، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: (أيسرك أن يشير لك - أو يتلقاك - من أبواب الجنة بالكأس؟) قال: من لي بذلك يا رسول الله؟ فقال:
(الله لك به، ولكل مسلم (مات ولده) (7) في الاسلام).
أجزأ بمعنى: كفى، والكأس بالهمز، وقد يترك تخفيفا، هو الإناء فيه شراب، ولا يسمى بذلك إلا بانضمامه إليه، وقيل: هو اسم لهما على الاجتماع والانفراد، والجمع أكؤس، ثم كؤوس.
وعن عبد الله بن قيس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد) (8).