إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، كتبه أصحاب عيسى (عليه السلام)، أعرضه عليك؟
قال علي (عليه السلام): نعم، فما هو؟
قال الراهب:
بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما كتب: أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب (1) في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين يحمدون الله تعالى على كل نشز (2)، وفي كل صعود وهبوط (3)، تذل (4) ألسنتهم بالتهليل والتكبير، وينصره الله على كل من ناواه فإذا توفاه الله اختلفت أمته ثم اجتمعت فلبث بذلك ما شاء الله، ثم اختلفت، ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقضي بالحق، ولا يوكس (5) الحكم، الدنيا أهون عليه [من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه] من شرب الماء على الظماء، يخاف الله في السر وينصح له في العلانية، لا يخاف في الله لومة لائم، فمن أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضوان والجنة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فإن القتل معه شهادة.
قال: فبكى علي (عليه السلام) ثم قال: " الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار ".
فمضى الراهب معه وكان - فيما ذكروا - يتفدى مع أمير المؤمنين ويتعشى حتى