ثياب الملوك وكلامكم أنكره، ما أراكم إلا هرابا من إلهي (دقيوس)، فأخبروني بقصتكم واصدقوني عن شأنكم.
فقالوا: يا راعي، إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب، أنا تمليخا وزير الملك وهؤلاء أصحابي، فكرنا في دقيوس فقلنا لو كان إلها كما زعم ما كان له أن يغتم ولا يحزن ولا يفرح ولا يأكل ولا يشرب ولا يقوم ولا يقعد ولا يصيبه ما يصيبنا من المصائب، لأن الإله لا يكون - يا راعي - كذلك. وليكن إلهك يا راعي الذي خلقك ولم تكن شيئا، والذي يأتي بالنهار المضئ والليل المظلم، والذي يأتي بالسحاب فيسقى العباد والبلاد والذي خلق السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والنجوم. يا راعي، لا تسم دقيوس إلها، وليكن اسمه عبدا كافرا عابثا عاصيا للذي خلقه.
قال الراعي: قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم، فأين تريدون؟
قالوا: نريد الهرب إلى إله السماء من (دقيوس) الكافر. فقال: هذه الأغنام أمانة في عنقي، قفوا علي ساعة حتى أؤديها إلى أربابها وأصحبكم وافر معكم من دقيوس الكافر إلى إلهنا الذي خلقنا.
فوقفوا له حتى رد الأغنام إلى أربابها ثم رجع إليهم، فساروا وكلب الراعي يتبعهم. فقالوا: يا راعي، إن كلبك هذا يفضحنا الليلة بنباحه.
فرموه بالحجارة ورماه الراعي، فما زاده ذلك إلا الحاحا.
فلما رأوا ذلك قالوا له: يا راعي، اقبل اليه أنت واضربه ضربا وجيعا.
فاقبل الراعي يرجمه ويضربه. فلما رأى ذلك الكلب أنطقه الله بلسانهم وهو يقول: (يا قوم، دعوني أحرسكم من عدوكم فاني مؤمن بالإله الذي خلقني وخلقكم).
فلما سمعوا ذلك تعجبوا تعجبا شديدا وازدادوا يقينا بربهم فساروا حتى جنهم الليل. فقال اليهودي: يا علي، أخبرني كيف كان لون الكلب وما اسمه؟
قال علي عليه السلام: كان لون الكلب أبلق في سواد واسمه (قطمير).