فقالوا: يا تمليخا، ان الامر كما ذكرت والفكرة ما فكرت. ما (دقيوس) إلا عاص وكافر باله الخلق أجمعين، ما الاله إلا خالق السماوات والأرض.
فقال تمليخا: فكيف الحيلة بالكفر به فالطاعة لاله السماء والأرض؟
فقالوا: لا نعلم، والرأي رأيك.
فقال تمليخا: لا أرى لنفسي ونفسكم إلا الفرار من دقيوس الكافر إلى اله السماء الذي خلقنا وخلقه.
فقالوا: نعم الرأي ما رأيت.
فباتوا تلك الليلة. فلما كان نصف الليل قال تمليخا: اخواني، قوموا إلى عبادة ربكم. فقاموا فقالوا: (ربنا رب السماوات والأرض ولن ندعو من دونه الها، لقد قلنا إذا شططا) (12). وجعلوا يدعون ربهم بقية ليلتهم حتى أصبحوا.
فلما أصبحوا ركبوا خيولهم وخرجوا هرابا من (دقيوس) الكافر متثابتين عن ثلاثة أميال من المدينة.
فقال تمليخا: أنزلوا عن خيولكم ليخفى أثركم. فنزلوا وخلوا خيولهم ومشوا على أرجلهم حتى قطر الدم من أرجلهم. فشكوا ذلك اليه، فقال:
اخواني إن هذا في الله قليل.
فمشوا حتى أظهروا وأصابهم العطش، فرأوا ان رجلا يرعى غنما، فقالوا: هل لكم أن نستسقي الراعي؟ ومالوا اليه فقالوا: يا راعي، هل عندك شربة من ماء أو لبن.
قال الراعي: بحق إلهي (دقيوس) ما أصبح عندي ماء ولا لبن.
قالوا: يا راعي، لا تسم دقيوس إلها وهو عبد من عباد الله، أعطاه الله النعمة السابغة والملك والجند والمال، فكفر وتجبر.
فقال الراعي: ان أمركم لعجب، أرى وجوهكم وجوه الملوك وثيابكم