اتفق في بعض سنى أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله حمدا لم يسمع بمثله، وأثنى عليه بما لا يتوجه إلى غيره، فكان ما حفظ من ذلك:
الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه، وطريقا من طرق الاعتراف بلا هويته وصمدانيته وفردانيته، وسببا إلى المزيد من رحمته، ومحجة للطالب من فضله، وكمن في ابطان حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ وان عظم.
واشهد ان لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة نزعت عن اخلاص الطوى ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفى، انه الخالق الباري المصور له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شئ، إذ كان الشئ من مشيته وكان لا يشبهه مكونه.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه، بأنه انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه، اقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه، إذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنون في الاسرار.
لا إله إلا هو الملك الجبار، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلا هويته، واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته، فهو أهل ذلك بخاصته وخلته، إذ لا يختص من يشوبه التغير، ولا يخالل من يلحقه التظنين، وأمر بالصلاة عليه، مزيدا في تكرمته، وطريقا للداعي إلى اجابته، فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم، مزيدا لا تلحقه التفنية ولا ينقطع على التأكيد.
وان الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه وآله بريته خاصة، علاهم بتعليته، وسمى بهم إلى رتبته بهم إلى رتبته، وجعلهم الدعاة بالحق إليه، والأداء بالارشاد عليه، لقرن قرن، وزمن وزمن، انشأهم في القدم قبل كل مذر و مبر، وانورا أنطقها بتحميده وألهمها على شكره وتمجيده.
وجعلها الحجج على كل معترف له بملكوت الربوبية، وسلطان العبودية، واستنطق