اثنى عليك يا سيدي وما عسى أن يبلغ في مدحتك ثنائي مع قلة علمي وقصر رأيي، وأنت يا رب الخالق وأنا المخلوق، وأنت المالك وأنا المملوك، وأنت الرب وأنا العبد، وأنت الغنى وأنا الفقير، وأنت المعطى وأنا السائل، وأنت الغفور وأنا الخاطىء، وأنت الحي لا تموت، وأنا خلق أموت.
يا من خلق الخلق ودبر الأمور، فلم يقايس شيئا بشئ من خلقه، ولم يستعن على خلقه بغيره.
ثم أمضى الأمور على قضائه وأجلها إلى أجل مسمى، قضى فيها بعدله، وعدل فيها بفضله، وفصل فيها بحكمه، وحكم فيها بعدله، وعلمها بحفظه، ثم جعل منتهاها إلى مشيته، ومستقرها إلى محبته، ومواقيتها إلى قضائه.
لا مبدل لكلماته ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا مستزاح عن أمره، ولا محيص 1 لقدره، ولا خلف لوعده، ولا متخلف عن دعوته، ولا يعجزه شئ طلبه، ولا يمتنع منه أحد أراده، ولا يعظم عليه شئ فعله، ولا يكبر عليه شئ صنعه، ولا يزيد في سلطانه طاعة مطيع، ولا ينقصه معصية عاص، ولا يتبدل القول لديه، ولا يشرك في حكمه أحدا.
الذي ملك الملوك بقدرته، واستعبد الأرباب بعزه 2، وساد العظماء بجوده، وعلا السادة بمجده، وانهدت 3 الملوك لهيبته، وعلا أهل السلطان بسلطانه وربوبيته، وأباد 4 الجبابرة بقهره، وأذل العظماء بعزه، وأسس الأمور بقدرته، ونبا المعالي بسؤدده 5، وتمجد بفخره، وفخر بعزه، وعز بجبروته، ووسع كل شئ برحمته.
إياك أدعو، وإياك أسأل، ومنك أطلب، واليك أرغب، يا غاية