فصل فان قيل: ما أنكرتم أن يكون في الأدوية ما إذا مس به ميت حيي وعاش، وإذا جعل في عصا ونحوها صارت حية، وإذا سقي حيوانا تكلم، وإذا شربه الانسان صار بليغا، بحيث يتمكن من مثل بلاغة القرآن.
قلنا: ليس بخلو إما أن يكون للناس طريق إلى معرفة ذلك الدواء، أو لا يكون لهم طريق إلى معرفته. فإن كان لهم إليه طريق لزم أن يكون الظفر به ممكنا، وكانوا يعارضونه به فلا يكون معجزا. وإن لم يمكن الظفر به، لزم أن يكون الظفر به معجزا، لأنه يعلم أنه ما ظفر به إلا بأن أطلعه الله تعالى عليه - وإن كان تعالى لا يطلع عليه أحدا ليس برسول - فعلم بذلك صدقه، ثم يعلم من بعد - بخبره - أن ذلك (1) ليس من قبله - نحو القرآن - بل هو منه تعالى أنزله عليه.
وكذلك هذا في الدواء الذي جوز به (2) السائل إحياء الموتى، لا يخلو إما أن لا يمكن الظفر به أو يمكن. فعلى الأول لزم أن يكون الظفر به معجزا للنبي أو الوصي، لأنه يعلم أنه ما ظفر به إلا بأن أطلعه الله تعالى عليه، فيعلم بذلك صدقه. وإن أمكن الظفر به - وهو الوجه الثاني - فالواجب أن يسهل الاحياء لكل أحد، والمعلوم خلافه.
فصل واعلم أن الحيل والسحر وخفة اليد لها وجوه متى فتش عنها المعني بذلك فإنه يقف على تلك الوجوه، ولهذا يصح فيها التتلمذ والتعلم، ولا يختص به واحد دون آخر.