والأعجب من هذا الكتاب ومن كتب الشهيد المفصلة مثل الدروس الشرعية والذكرى والبيان والألفية وشرح التهذيب - الأعجب منها كلها شخصية هذا المؤلف الذي عاش اثنين وخمسين عاما فقط 734 - 786 جمع فيها بين الترحال والهجرة في طلب العلم والنبوغ في عدد من العلوم الإسلامية، والتأليف والتدريس، والفتيا والتوجيه لشيعة جبل عامل وبلاد الشام كلها، بل قد يكون نفوذه امتد إلى أوساط بقية المسلمين حتى صار خطرا على حكم المماليك في ولايتي صيدا ودمشق وحلب أيضا، فلفقوا ضده تهمة شرب الخمر وسب الشيخين وقتلوه ثم صلبوه ثم أحرقوا جسده الطاهر أمام سجن القلعة بدمشق، في يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى سنة 786.
من المؤكد أن الشهيد الأول قدس سره إذا لم يكن صاحب مشروع سياسي لإقامة دولة إسلامية تطبق مذهب أهل البيت عليهم السلام، فإنه كان صاحب مشروع مرجعية دينية واعية جاءت لمعة في بلاد الشام في عصر المماليك المظلم، وهذا أمر يستحق البحث وجمع الشواهد التي نشير هنا إليها إشارة مجملة:
1 - انتشار التشيع في ذلك الوقت من ساحل فلسطين إلى لبنان إلى حلب.
2 - خروج مدع للنبوة في منطقة صيدا والنبطية يدعى محمد الجالوشي وفتوى الشهيد ضده، وإقامته الحد عليه، بعد معركة معه ومع أتباعه.
3 - انتشار وكلاء الشهيد الذين بلغوا المئات واعتقلتهم