وإذا اقتصرنا على أشهر فقهائنا رضوان الله عليهم من الشيخ الكليني إلى اليوم يعني عبر ألف ومئة سنة لبلغ عددهم أكثر من مئة فقيه، وبلغت مؤلفاتهم أكثر من ثلاث مأة مجلد، أما طليعة هؤلاء الفقهاء المؤلفين فهم مجموعة قد تبلغ العشرين فقيها تميزوا بالعمق والغزارة العلمية والقبول والحجية عند عامة فقهاء المذهب، وكانت مؤلفاتهم وما تزال محور البحث الفقهي في الحوزات العلمية وبين العلماء والطلبة، أمثال الشيخ الصدوق، والشيخ المفيد، والسيد المرتضى، والشيخ الطوسي، وابن إدريس، والحلبيين الثلاثة: أبي الصلاح وابني زهرة، والمحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيد الأول والشهيد الثاني والمحقق الكركي.. إلى أن نصل إلى صاحب الجواهر النجفي وصاحب الحدائق البحريني، وأعاظم من جاء بعدهم.
بهذا نعرف أن الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني النباطي العاملي رضوان الله عليه يأتي في مصاف الدرجة الأولى من فقهائنا، وأن كتبه وآراءه التي كتبها قبل ستة قرون ما زالت في حيوية إلى اليوم.
أما كتابه المختصر هذا (اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية) المعروف باسم (اللمعة) فقد درسه منذ تأليفه إلى الآن مئات الألوف من طلبة العلم في المرحلة المتوسطة، وما زال كتابا تدريسيا في كل حوزاتنا مع شرحه للشهيد الثاني رضوان الله عليهما، وما ذلك إلا لخصائص عديدة توفرت في هذه الإشراقة وشرحها لم تتوفر في كتاب آخر.