دعواه فيها إذا أراد أن يقول (سبحانك اللهم) فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به وذلك قول الله عز وجل (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) يعني الخدام. قال: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يعني بذلك عندما يقضون من لذاتهم من الجماع والطعام والشراب. يحمدون الله عز وجل عند فراغتهم وأما قوله: (أولئك لهم رزق معلوم) قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله عز وجل: (فواكه وهم مكرمون) قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به.
* الشرح:
قوله (حديث الجنان والنوق) الجنان ككتاب جمع الجنة وهي الحديقة ذات النخل والشجر، ثم غلب إطلاقها على الجنة التي أعدت للمتقين، والنوق جمع الناقة. (يوم نحشر المتقين) هم الذين حبسوا أنفسهم على الحق ورفضوا عنهم الميل إلى الباطل وطهروا ظاهرهم وباطنهم عن الرذائل. (إلى الرحمن وفدا) جمع وافد أي وافدين عليه كما يفد الوافدون على الملوك الكرام منتظرين للإحسان والأنعام، وإنما ذكر الرحمن هنا لأنه أنسب بالمقام لكونه مشعرا بصدور أنواع من الرحمة والإكرام. (إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا) الركبان جمع الراكب للبعير خاصة وقد يكون للخيل والركوب معتبر في الوفد غزوا. (واختصهم) اختصهم بالشيء أي خصهم به فاختصوا به لازم ومتعد، والمعنى خصهم بذاته المقدسة فاختصوا به وصرفوا وجوه قلوبهم إليه وعكفوا على ما فيه رضاه بين يديه ورفضوا ما يشغلهم عنه بغيره (بنوق من نوق العز عليها رحال الذهب) إضافة النوق إلى العز لامية باعتبار أنها معدة لمن أراد الله تعالى عزته في ذلك اليوم، والرحال جمع رحل وهو مركب للبعير كالسرج للفرس. (مكللة بالدر والياقوت) في الفايق تكليلها أن يحوطها كالأكاليل للرأس ومنه جفنة مكللة وروضة مكللة. (وجلايلها الإستبرق والسندس) جلائل جمع جلال جمع جل وهو بالضم والفتح ما تلبسه الدابة لتصان به، والسندس مارق من الديباج، والإستبرق ما غلظ منه معرب أو هو استفعل من البريق. (وخطمها جدل الأرجوان) الخطم جمع الخطام كالكتب جمع الكتاب والجدل كالكتب جمع الجديل وهو الزمام المجدول أي المفتول للبعير، والأرجوان معرب أرغوان وهو شجر له نور أحمر وكل نور يشبهه فهو أرجوان، وقيل هذه الكلمة عربية والألف والنون زائدتان. (يطير بهم إلى المحشر) شبه سيرها بالطيران في السرعة ففيه استعارة تبعية مع احتمال إرادة الحقيقة. (حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم وعلى باب الجنة شجرة) لعل المراد إلى قريب من باب الجنة وعلى قرب منه شجرة فلا ينافي ما سيجيء من قوله (فيسوقهم الملائكة إلى الجنة إذا انتهوا بهم إلى باب الجنة) فليتأمل (فيسقون منها شربة