قوله (من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر الحمد الله) وهو قيد للواصل وجذب لغير الحاصل مع ما فيه من الفضل المذكور في كتاب الدعاء (ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار) بأن يقول أستغفر الله أو أستغفر الله ربي وأتوب إليه وكلاهما مروي. (ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) روي عن الباقر (عليه السلام) أن الحول هنا بمعنى التحول والانتقال، أي لا حول لنا عن المعاصي إلا بعون الله ولا قوة لنا على الطاعات إلا بتوفيقه، وفيه إظهار كمال الخضوع والمسكنة والحاجة إليه تعالى في طلب الخيرات ودفع المكاره ومعنى العلي العظيم أنه العلي عن الأشباه والأنداد الرفيع عن التشابه بالممكنات، العظيم المفتقر إليه كل من عداه المستحقر لديه كل من سواه. (توكلت على الحي الذي لا يموت) أي توكلت على المدرك الدايم بلا زوال وفيه تفويض الأمور كلها إليه وإظهار العجز بأنه ليس له قدرة على تحصيل أمر من أموره ورمز لطيف بأنه يتوقع منه تعالى جلب النفع وسلب الفقر والسقم وساير المكاره عنه. (والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) تنزيه له تعالى عن الصاحبة والشهوة الحيوانية ورد على اليهود والنصارى.
(ولم يكن له شريك في الملك) فيه إقرار بالتوحيد وتنزيه له عن النقص. (ولم يكن له ولي من الذل) أي ناصر مانع له من الذل لكونه عزيزا على الإطلاق، أو لم يوال أحدا من أجل ذل به ليدفعه بموالاته. (وكبره تكبيرا) أي قل هذا اللفظ بعينه ونقل عن بعض الأفاضل أنه قال قل الله أكبر الله أكبر، وهذا غريب.
66 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل ابن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول وأنا أسمع: أتيت البصرة؟ فقال:
نعم قال: كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ودخولهم فيه؟ قال والله إنهم لقليل ولقد فعلوا وإن ذلك لقليل، فقال: عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير، ثم قال: ما يقول أهل البصرة في هذه الآية، (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قلت: جعلت فداك إنهم يقولون: إنها لأقارب رسول الله (عليه السلام)، فقال: كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء (عليهم السلام).
* الشرح:
قوله (فقال عليك بالأحداث) أي ألزمهم في الدعاء إلى هذا الأمر والأحداث الشبان الذين لم يطعنوا في السن فإنهم أسرع إلى كل خير لرقة قلوبهم وصفاء أذهانهم في الجملة وعدم تمكن الجهل المركب في نفوسهم بعد كما تمكن في نفوس الشيوخ.
(إنهم يقولون إنها لأقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله)) قد مر آنفا أن جماعة منهم يقولون المراد بهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب كلهم وجماعة يقولون بنو هاشم وحدهم وجماعة يقولون قريش كلهم.