وجودات غيره وفيضان الكمالات من المبدأ عليها سمي نورا، ومن حيث إنه حي وبسببه حياة كل موجود سمي روحا، ومن حيث إنه عاقل لذاته وصفاته وذوات سائر الموجودات وصفاتها سمي عقلا، نعم هذه الروايات ظاهرا تنافي ما روي «أن أول ما خلق الله القلم» ويمكن أن يقال القلم أيضا عبارة عما ذكره من حيث أن نقوش العلوم والكائنات في اللوح المحفوظ بتوسطه فهو بهذا الاعتبار سمي قلما فالمعنى في الجميع واحدا والعبارات مختلفة وهذا التوجيه مذكور في كتاب معارج النبوة وكتاب شواهد النبوة (وخلق الريح من الماء) لتحركه حركة عنيفة واضطرابه اضطرابا شديدا فحدثت منه الريح (ثم سلط الريح على الماء) فحركت ذلك الماء وأثارت أمواجا كأمواج البحار (فشققت الريح متن الماء) وحركته تحريكا كتحريك ما في القربة والسقاء حتى جعلت أسفله أعلاه وأعلاه أسفله (حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور) واقتضت الحكمة في كمية الأرض وإيجادها على الحجم والبسط المعروفين (فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع) أي شق (ولا نقب) بالنون وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة (ولا صعود ولا هبوط) الصعود بالفتح العقبة، والهبوط بالفتح الخدود (ولا شجرة) أراد بالشجرة مطلق النباتات وإنما حدثت هذه الأشياء بعد ذلك بالإرادة والأسباب المقتضية لها. (ثم طواها فوضعها فوق الماء) تحت الكعبة كما دل عليه بعض الروايات (ثم خلق الله النار من الماء) لا يبعد من القدرة القاهرة أن تحدث النار من حركات الماء وصدماته كما يحدث البرق من صدمات السحاب الماطر عند بعض، وكما تحدث من الشجر الأخضر قال الله تعالى (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فمن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها كان قادرا على إحداث النار من الماء فلا تنظر إلى من استبعد ذلك وقال لا نار هنالك. (فشققت النار متن
(١٣)