قادرا مختارا عالما بوجوه المصالح يحيل الأشياء إلى أوقاتها باختياره ويوجد كلا في وقته من غير حاجة إلى شيء سابق ومثال متقدم فقال (وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه) في عالم الأجسام.
(وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه). هذا وغيره من الروايات صريح في أن الماء أول صنع في عالم الخلق وأنه لم يخلق من شيء فبطل ما ذهب إليه علماء العامة مثل القرطبي وغيره ونطقت به رواياتهم من أن الأول جوهرة أو ياقوتة خضراء فنظر إليها الجبار بالهيبة فانذابت وصارت ماء وتسخنت فارتفع منه دخان وزبد فخلق من الدخان السماء ومن الزبد الأرض، لا يقال الماء محتاج إلى المكان فكيف يكون هو الأول لأنا نقول المكان عدمي وهو البعد الموهوم كما صرح به بعض المحققين ثم حصل له تميز عن مطلق الموهومات وتعين بسبب خلق الماء فكان تميزه تعينه تابعا لخلق الماء، وبما ذكرنا حل هذا الحديث ظهر أنه لا ينافي ما مر في كتاب الأصول في باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قال الله تعالى يا محمد إني خلقتك وعليا نورا (يعني روحا) بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني - الحديث» ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) قال «أول ما خلق الله روحي» وعنه أيضا «أول ما خلق الله العقل» ولا منافاة بين هذه الروايات لأن هذه الثلاثة متحدة بالذات مختلفة بالحيثيات إذ هذا المخلوق الأول من حيث إنه ظاهر بذاته ومظهر لظهوره (1)