ونحن أهل النبوة والخلافة ونحن الأمراء وأنتم الوزراء وإخواننا وأحب الناس إلينا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيد عمر وأبي عبيدة وكان بينهما فقال قائل من الأنصار:
منا أمير ومنكم أمير، وكثر اللغط وارتفعت الأصوات، قال عمر: حتى خفنا الاختلاف فقلت لأبي بكر: ابسط يدك فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ويردنا إلى سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعد بن عبادة، ثم نقل هذه القصة بطريق آخر قريب من المذكور إلا أنه قال: لما وضع أبو بكر يده على عمرو وأبي عبيدة وقال: أنا أدعوكم إلى أحد هذين الرجلين قالا معا: لا ينبغي لأحد أن يكون فوقك يا أبا بكر فقال قائل من الأنصار: منا أمير ومنكم أمير وكثر اللغط حتى خيف أن تقع الفتنة وأوجد بعضهم بعضا فقام أسيد بن حضير وبشير بن سعد يستقبلان ليبايعوا أبا بكر فسبقهما عمر ثم بايعا معه ثم وثب الناس يبتدرون البيعة فما فرغ أبو بكر من البيعة رجع إلى المسجد فصعد المنبر فبايعه الناس وشغلوا الناس عن دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى كان آخر الليل من ليلة الثلاثاء وقد كان وفاته (صلى الله عليه وآله) نصف النهار من يوم الاثنين ثم أبو بكر لما حضرته الوفاة استخلف عمر وعمر لما حضرته الوفاة تركها شورى بين الستة وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف (فخصموهم بحجة علي (عليه السلام)) أي بحجة هي لعلي (عليه السلام) عليهم (في ظلة بني ساعدة) الظلة بالضم كهيئة: الصفة (بين عينيه سجاده) السجادة بالفتح: أثر السجود في الجبهة وفلان شديد التشمير شديد الاجتهاد للعبادة وهو يبكي، قال: بعض الأفاضل ولا يمتنع أن يكون بكاؤه حقيقة لأنه جسم ولعل بكاؤه لشدة سروره بموت النبي (صلى الله عليه وآله) وجلوس أبي بكر محله، وقال محيى الدين شارح مسلم: الشيطان جسم لطيف روحاني قد يتصور بصورة، وقال القرطبي: يجوز رؤيته وقوله تعالى (من حيث لا ترونهم) محمول على الغالب، ثم قال:
وقيل: إن رؤيته على صورته الأصلية ممتنعة على غير الأنبياء أو من خرقت له العادة وإنما يراه الناس في صورة غيرها كما جاء في الآثار، أقول: الآثار من طرق العامة والخاصة مستفيضة دالة على جواز رؤية الناس إياه في صورته الفرعية، وأما رؤيتهم إياه في صورته الأصلية كما دل (عليه السلام) كلام القرطبي وإن لم تكن ممتنعة عقلا لكنها لم يثبت لا عقلا ولا نقلا ولذلك قال المازري: هذه دعوى أن لم تكن لها مستند فهي مردودة نعم ثبوتها للأنبياء من باب خوارق العادة لاختصاصهم بالروح القدسية والقوة البصرية التي تدرك بها الأشياء التي هي محجوبة عن غيرهم وفي قوله (عليه السلام): أخبرني دليل على قوله ذاك إبليس وليس المقصود به رفع إنكار المخاطب لأن سلمان كان عالما بصدق مقالته في كل ما يقول بل المقصود به زيادة تقرير الحكم وتثبيته في ذهن المخاطب والمبالغة في حثه على التلقي بالقبول مع ما فيه من الإشعار بأنه (عليه السلام) كان عالما بهذا القضية ونقضهم العهد قبل الوقوع وبأن