آمن عند البلوغ بلا سابقة خيرات فضلا عن إيمان من آمن بعد علو السن وعبادة الأصنام وشرب المسكرات ولا يقدم إلى إنكار ذلك إلا جاهل متعصب (وسبق الناس كلهم إلى الإيمان - اه) هذا هو المتفق عليه بين الخاصة والعامة وقد ذكرنا ما يدل عليه من أحاديثهم وأقوالهم في مواضع لغرض ما ولا بأس أن نذكر هنا شيئا منها فنقول: قال القرطبي شارح مسلم في شرح الأحاديث الدالة على فضائله (عليه السلام): هو أول من أسلم لحديث (أولكم واردا علي الحوض، أولكم إسلاما علي ابن أبي طالب» وعن علي رضي الله عنه قال: «عبدت الله تعالى قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة بخمس سنين» وعنه «ما كان يصلي مع رسول الله غيري وغير خديجة» واختلف في سنه رضي الله عنه حين أسلم فقيل خمس سنين، وقيل ثمان، وقيل اثني عشر، وقيل ثمانية عشر، وشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) المشاهد كلها إلا تبوك فإن رسول الله خلفه مع أهله وقال له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدي» وزوجه ابنته فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء أهل الجنة، وله من الشجاعة والعلم والحلم والزهد والورع وكرم الأخلاق ما لا يسعه كتاب، بويع بالخلافة في اليوم الذي قتل فيه عثمان انتهى. وقال الآمدي: لا يخفى أن عليا رضي الله عنه كان مستجمعا لخلال شريفة ومناقب منيفة بعضها كاف في استحقاق الإمامة، وقد اجتمع فيه من حميدة الصفات وأنواع الكمالات ما تفرق في غيره من الصحابة حتى قيل إنه من أشجع الصحابة، وأعلمهم، وأزهدهم، وأفصحهم وأسبقهم إيمانا وأكثرهم جهادا وأقربهم نسبا وصهرا منه كان معدودا في أول الجريدة وسابقا إلى كل فضيلة، وقد قال فيه رباني هذه الأمة ابن عباس وقدسا له معاوية عنه قال كان وكان فلم يبق محمدة من محامد الدين والدنيا إلا وصفه بها مع ما ورد من الآثار المنبهة على مناقبه، هذا صفاته وأما إثبات إمامته فبإجماع الأمة بعد مقتل عثمان عليها من غير منازع انتهى.
أقول: وقد صرحوا بأن الأسبق في الإسلام أفضل من غيره فيما رواه مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحرث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة» قال الهروي:
المراد بالدور هنا: القبائل وتفضيلهم هكذا إنما هو بحسب سبقهم إلى الإسلام وفيه جواز التفضيل وأنه ليس بغيبة، وقال عياض: تفضيلهم بحسب السبقية إلى الإسلام وأعمالهم فيه وهو خبر من الشارع عمالهم عند الله من المنزلة فلا يقدم من أخر ولا يؤخر من قدم، وقال الآبي: السبقية في الإسلام ملزومة لكثرة الأعمال الموجبة للتفضيل (ويصليها علي (عليه السلام) بمكة ركعتين معه مدة عشر سنين) يعني بعد ثلاث سنين التي سبق الناس فيها (وكان خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مكة في أول يوم من ربيع الأول وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس يفهم منه ومن تعيين الشهر أنه دخل يوم