على هذه الصفة وهو قولهم «ربنا الله» على تقدير كونها صفة ذم وهذا التقدير محال لأن تلك الصفة عن أكمل الصفات الحسنة والمعلق على المحال محال فاتصافهم بصفة ذم مقتضية للإخراج محال، والاستثناء على هذا التقدير متصل ويمكن أن يكون منقطعا فإن إرادة الاستثناء بعد نفي جميع صفات الذم عنه، وهو المستفاد من قوله (بغير حق) يوهم استثناء شيء منها بناء على أن أصل الاستثناء هو الاتصال فلما لم يوجد شيء منها ذكر صفة مدح بعدها فصار الاستثناء منقطعا ووقع المدح على المدح.
* الأصل:
535 - ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا» قال: فقال: إن لهذا تأويلا يقول: بماذا اجبتم في أوصيائكم الذين خلفتموهم على اممكم؟ قال: فيقولون لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا.
* الشرح:
قوله: (يوم يجمع الله الرسل فيقول: ماذا أجبتم؟ قالوا: لا علم لنا - اه) دل على أنه كانت للرسل أوصياء فكيف يتخلف تلك عن خاتم الأنبياء وعلى أن الله تعالى يسأل عباده عن متابعتهم ومخالفتهم، ثم الظاهر أن الرسل يشمل رسولنا (صلى الله عليه وآله) فحينئذ قوله (فيقولون لا علم لنا بما فعلوا من بعدنا) ينافي الأخبار الدالة على عرض الأعمال عليه (صلى الله عليه وآله) والأخبار الدالة على أنه (صلى الله عليه وآله) أخبر وصيه بما يفعلون به بعده، فلابد من تخصيص الرسل بغيره (صلى الله عليه وآله) أو تخصيص العلم المنفي بالعلم المخصوص وهو العلم بطريق المشاهدة والعيان أو القول بأن ذلك القول منهم تخشع وتذلل وإظهار العجز بمشاهدة جلال الله تعالى مع علمه الشامل لكل صغير وكبير فكان علمهم في جنبه ليس بعلم، وأما القول بأن العرض عليه عرض مجمل فيقال عملت أمتك كذا أو عرض من غير تعيين العامل فبعيد جدا يظهر ذلك لمن تأمل في الأخبار الدالة على العرض.