الموت لا ينافي كون الدافع حجة على المدفوع إليه بل يجمعه كما في الأئمة (عليهم السلام) فلا يتم ما مر من أنه لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية لأنا نقول: موته في يوم الدفع لا يستلزم مقارنة الموت للدفع لجواز وقوع الدفع في أوله والموت في آخره فلا يكون الدافع حجة على المدفوع إليه لأن الحجة لا يبقى بعد دفع الوصية زمانا طويلا ولا قصيرا، على أن الواو لمطلق الجمع فعلى هذا يجوز أن يكون المراد أنه دفع إليه الوصية وآمن به باطنا ثم أقر به ومات من يوم الإقرار فليتأمل.
* الأصل:
125 - الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) بات آل محمد (عليهم السلام) بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتر الأقربين والأبعدين في الله (1)، فبيناهم كذلك إذ أتاهم آت لا يرونه ويسمعون كلامه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة ونجاة من كل هلكة ودركا لما فات (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) إن الله اختاركم وفضلكم وطهركم وجعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم علمه وأورثكم كتابه وجعلكم تابوت علمه، وعصا عزه وضرب لكم مثلا من نوره وعصمكم من الزلل وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله، فإن الله لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عز وجل الذين بهم تمت النعمة واجتمعت الفرقة وائتلفت الكلمة وأنتم أولياؤه، فمن تولاكم فاز ومن ظلم حقكم زهق، مودتكم من الله واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذا يشاء قدير فاصبروا لعواقب الامور، فانها إلى الله تصير، قد قبلكم الله من نبيه وديعة واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض فمن أدى أمانته آتاه الله صدقه، فأنتم الأمانة المستودعة، ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة وقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أكمل لكم الدين وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه، والله من وراء حوائجكم، وأستودكم الله، والسلام عليكم.
فسألت أبا جعفر (عليه السلام) ممن أتاهم التعزية، فقال: من الله تبارك وتعالى.
* الشرح:
قوله (بات آل محمد (صلى الله عليه وآله) بأطول ليلة) لسهرهم وشدة حزنهم والحزين يصف الليل بالطول.