قوله (أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم) أظله إذا ألقى الظل عليه وأقله إذا حمله ورفعه وذلك لما وقع عليهم من تلك المصيبة وما وصل إليهم من هذه الامة والنفي راجع إلى القيد أو إلى المقيد أو إليهما جميعا.
قوله (وتر الأقربين والأبعدين) الوتر الذحل بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة وهو طلب المكافاة بجناية جنيت على الرجل من قتل أو جرح أو نحو ذلك والحمل للمبالغة، والمقصود أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان طالب الجنايات للأقارب والأباعد ودافع الجور والظلم عنهم وحافظ حقوقهم، وفي ذكر الأبعدين تنبيه على أن ذلك كان من كمال عدله وانصافه شفقة لخلق الله لا على التصعب كما هو شأن أكثر الخلق.
قوله (فبينما هم) في بعض النسخ «فبيناهم» وهما ظرفان مضافان إلى الجملة الاسمية أو الفعلية وخفض المفرد بهما قليل وبينما في الأصل بين التي هي ظرف مكان أشبعت فيها الحكرة فصارت بينا وزيدت الميم فصارت بينما ولما فيهما من معنى الشرط يفتقران إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابهما عند الأصمعي أن تصحبهما (إذ) و (إذا) الفجائيتان والأفصح عند غيره أن يجرد عنهما.
قوله (إذ أتاهم آت) روى الصدوق في كتاب كمال الدين بإسناده عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أن الرجل الآتي كان الخضر (عليه السلام).
قوله (إن في الله عزاء من كل مصيبة) العزاء الصبر، والهلكة والهلك بالتحريك الهلاك وبالضم والسكون ما يهلك منه أي بسببه من الذنوب الموجبة للنار، والدرك والإدراك اللحوق والوصول إلى الشيء تقول: أدرك الفائت إدراكا ودركا إذا وصلت إليه وتلاقيته، ولعل المراد أن في سبيل الله ودينه أو في طلب رضا الحق هذه الأمور، وفيه ترغيب في التوسل به لأنه أصل لجميع الخيرات.
قوله (كل نفس ذائقة الموت) فيه مكنية وتخييلية بتشبيه الموت بالمأكول والمشروب ونسبة الذوق إليه وليس الغرض هنا إفادة الحكم أو لازمة لعلم المخاطبين بهما وإنما الغرض حملهم على العمل بمقتضى علمهم وهو التصبر بتلك المصيبة لأن المصيبة إذا عمت طابت مع ما فيه من الوعد لهم والوعيد لمن ظلمهم.
قوله (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) أي إنما تعطون جزاء عملكم وهو الصبر في تلك المصيبة أو مطلقا تاما وافيا يوم تقومون من القبور وفيه أيضا وعد لهم بالإحسان والإكرام ووعيد لمن خالفهم بالإذلال والانتقام كما في قوله (فمن زحزح عن النار) أي بعد عنها (وادخل الجنة فقد فاز) أي فقد فاز بنيل الجنة ودرجاتها والنجاة من النار ودركاتها. روي علي بن إبراهيم عند تفسير