راعوا الأدب بقولهم: الله ورسوله أعلم، علم أنهم يريدون استخراج ما عنده فأجاب بما ذكر. وقيل:
فائدته التعريف بمنزلته من الله تعالى في إعلامه بهذه الأمور المغيبة. وقيل: فائدته استنطاقهم وحملهم على الإقرار بأن الله ورسوله أعلم.
قوله (قال فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم) ضمير «فيها» راجع إلى الكف وهي مؤنثة والقبيلة واحدة القبائيل وهم بنو أب واحد ولعل المراد بأسمائهم وأسماء آبائهم أسماؤهم منسوبين إلى آبائهم مثل فلان بن فلان وفلان بن فلان إلى آخرهم، فلا يرد أن الجمع المضاف يفيد العموم فذكر أسماء آبائهم بعد ذكر أسماء جميع أهل الجنة يوجب التكرار، وفيه دلالة على أن ولد الزنا لا يدخل الجنة كما أن في مقابله دلالة على أنه لا يدخل النار، والقول بالواسطة غير معروف فلابد من تخصيص أسماء آبائهم بمن له أب أو بتعميم الأب بحيث يشمل الأب لغة وعرفا والله أعلم.
قوله (حكم الله وعدل) ذكره ثلاث مرات والتكرير للتأكيد أو الأول إشارة إلى الحكم الأزلي والثاني إلى الحكم الشهودي والثالث إلى الحكم الاخروي، ومثل هذه الرواية موجود من طريق العامة ففي الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي يده كتابان فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزداد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، وقال للذي في يده اليسرى:
هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلايزداد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، وقال للذي في يده اليسرى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلايزداد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، ثم رمى بهما وقال: فرغ ذلك من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير». قال بعضهم هذا حديث صحيح وأمثاله كثيرة يفيد مجموعها القطع بفساد مذهب القدرية (1) لكنهم كابروا في ذلك كله وتأولوه تأويلات فاسدة وموهوه بالاصول التي ارتكبوها من التحسين والتقبيح والتعديل والتجويز والقول بتأثير القدرة الحارثة وهي كلها فاسده انتهى كلام هذا القائل.
أقول: القدر على ما استفدت من تصفح كلام العلماء يطلق على ثلاثة معان الأول أنه في عرف المتكلمين عبارة عن تعلق علم الله وإرادته بالكائنات إذ لا قبل وجودها فلا حادث إلا وقد قدره