سيتها إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي قال: من لأمتك من بعدك؟ قال: الله أعلم، قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي (عليه السلام) من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة.
* الشرح:
قوله (سبوح قدوس) يجوز في السين والقاف الضم، والفتح أقيس والضم أكثر قال المازري نقلا عن ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا سبوحا وقدوسا فإن الضم فيهما أكثر ومثله قال ابن الأثير. هذا حال أولهما وأما حكم آخرهما فقال الآبي: إنهما يرويان بضم آخرهما وفتحه والفتح قياس بإضمار فعل أي أسبح سبوحا والضم وهو أكثر على الخبر أي أنا سبوح إن قاله الباري جل شأنه أو ذكرى لمن هو سبوح وقدوس وبناؤهما للمبالغة من التسبيح والتقديس، والمعنى أنه تبارك وتعالى مطهر عن صفات المخلوقين ومنزه عن العيوب والنقايص، والأظهر أنهما اسمان بمعنى مسبح ومقدس واما سبوح قدوس فمذكورة في الأسماء وأما سبوح فنص على أنه من الأسماء الزبيدي وابن فارس، وقال المازري: واختلف في الروح فقيل: هو جبرئيل (عليه السلام)، وقيل: ملك عظيم، وقيل خلق لا تراهم الملائكة وقيل: الروح الذي به الحياة.
قوله (سبقت رحمتي غضبي) كما قال جل شأنه (وسعت رحمتي كل شيء) ومن سعتها وسبقها أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بتفضله وأنه يغفر الذنوب كلها إلا لمن أشرك به وأبطل قبول فيضه بالكلية كما قال عز شأنه: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) وقال: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا).
قوله (فقال اللهم عفوك عفوك) قال ذلك لبسط الرجاء والاستعطاف وإظهار أن سبق الرحمة بمجرد العفو دون الاستحقاق. وعفوك إما منصوب باضمار الناصب أي أطلب عفوك أو مرفوع بتقدير الخبر أي عفوك محيط بالمذنبين.
قوله (قاب قوسين أو أدنى) ألقاب القدر وعينها واو يقال بيني وبينه قاب رمح وقاب قوس أي مقدارها وألقاب أيضا في القوس ما بين المقبض والسية (يعني ما بين قبضة كمان وگوشه آن) فلكل قوس قابان. ومن حمله في الآية على هذا قال فيها قلب أي قابي قوس وهذا على التقديرين كناية عن كمال القرب والاطلاع على حقيقة الامر.