وفيه تنبيه للعباد بالإنابة إليه عند صدور المعصية منهم.
قوله (إلا بلاغا من الله) استثناء من قوله لا أملك وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة أو من قوله (ملتحدا) يعني لن أجد ملتحدا إلا تبليغا من الله ورسالاته من غير زيادة ونقصان، ومنها رسالته في ولاية علي (عليه السلام).
قوله (ثم قال توكيدا) أي ثم قال توكيدا لأمر الولاية وتقريرا له: (ومن يعص الله ورسوله «في ولاية علي» فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا) وفيه وعيد شديد للكافرين بولايته وفي مفهوم الشرط دلالة على أن المقر بها لا يدخل النار أو لا يخلد فيها، ولا ريب في الثاني وأما الأول فالروايات فيه مختلفة والله أعلم.
قوله (يعني بذلك القائم وأنصاره) تفسير لقوله (ما يوعدون) روى علي بن إبراهيم عن الحسين ابن خالد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قوله عز وجل: (حتى إذا رأوا ما يوعدون) قال:
القائم وأمير المؤمنين صلوات الله عليهم في الرجعة. وفي قوله: (فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا) قال: وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لزفر: والله يا ابن صهاك، لولا عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا. فلما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يكون في الرجعة قالوا: متى يكون هذا؟ قال الله تعالى قل يا محمد: إن أدري قريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا.
وفي قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) قال: يخبر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم (عليه السلام) والرجعة والقيامة.
وروى أيضا بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (حتى إذا رأوا ما يوعدون) يعني الموت والقيامة (فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا) يعني فلان وفلان وفلان ومعاوية وعمرو بن العاص وأصحاب الضغائن من قريش من أضعف ناصرا وأقل عددا، قالوا: فمتى يكون هذا يا محمد؟ قال الله تعالى لمحمد: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا) قال: أجلا (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) يعني علي المرتضى من الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو منه فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا، قال: في قلبه العلم ومن خلفه الرصد يعلمه علمه ويزقه زقا ويعلمه الله تعالى إلهاما والرصد التعليم من النبي (صلى الله عليه وآله) ليعلم النبي (صلى الله عليه وآله) أن قد أبلغ رسالات ربه وأحاط علي (عليه السلام) بما لدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من العلم (وأحصى كل شيء عددا) ما كان أو يكون منذ خلق الله تعالى آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة أو زلزلة أو خسف أو قذف أو أمة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي، وكم من إمام جائر أو عادل يعرفه