إلا دين الإسلام، وقد نقل بعض المفسرين عن العياشي بإسناده عن عمران بن هيثم عن عباية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل ذلك، وقال علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: (والله متم نوره) يعني بالقائم من آل محمد إذا خرج يظهر الله الدين حتى لا يعبد غير الله تعالى وهو قوله (يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
قوله (قلت: هذا تنزيل قال: نعم) لعل هذا إشارة إلى ما ذكره في تفسير قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله) وقد عرفت مما نقلناه سابقا عن صاحب الطرايف أن المراد بالتنزيل ما جاء به جبرئيل (عليه السلام) لتبليغ الوحي وأنه أعم من أن يكون قرآنا وجزءا منه وأن لا يكون فكل قرآن تنزيل دون العكس فعلى هذا قوله (عليه السلام) «وأما غيره فتأويل» يراد به ما ذكره في الآيات السابقة والله أعلم.
قوله «وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد (إذا جاءك المنافقون)» هذا وإن سلم نزوله في عبد الله بن أبي وأضرابه لقضية مشهورة لكنه شامل لكل منافق حاله كحالهم وفعله كفعلهم لأن خصوص السبب لا يخصص عموم الحكم وكذلك كل من ذمه الله تعالى أو مدحه لصفة من الصفات أو أمر من الامور فهو عام يندرج فيه كل من اتصف بتلك الصفة، فلا يرد أن الآية نزلت في فرقة من أهل النفاق لأمر معلوم فكيف تحمل على غيرهم وينساق حكمها فيه؟!
قوله (قالوا نشهد) أكدوا كلامهم بتأكيدات لاقتضاء المقام ذلك وتقرير مضمونه في قلب السامع ورفع توهمه للخلاف ولذلك أيضا قال: (والله يعلم إنك لرسوله) مبالغة في التأكيد في وقوع المشهود به لأن ما علم الله وقوعه فهو واقع قطعا.
قوله (اتخذوا أيمانهم جنة) أي وقاية لأنفسهم وأموالهم ولحوق الضرر واللوم بهم.
قوله (فصدوا) أي فصدوا الناس ممن يقبل قولهم بإلقاء الشبهات الباطلة عن سبيل الله واتباع الطريق الموصل إليه والسبيل هو الوصي لأنه الهادي والداعي إليه.
قوله (إنهم ساء ما كانوا يعملون) من إظهار الإيمان وإبطال الخلاف وصد الناس عن سبيل الله.
قوله (ذلك بأنهم) أي ذلك المذكور من نفاقهم وكذبهم وسوء أعمالهم بسبب أنهم آمنوا برسالتك ظاهرا وكفروا بولاية وصيك باطنا.
قوله (فطبع الله على قلوبهم) قال في الصحاح: الطبع الختم وهو التأثير في الطين ونحوه يقال:
طبع الكتاب وعلى الكتاب إذا ختمه، والطابع بالفتح الخاتم ومنه طبع الله على قلبه إذا ختمه فلا يعى وعظا ولا يوفق لخير ولا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، وقال فيه أيضا: الرين الطبع. فالألفاظ الثلاثة متقاربة في المعنى، وقيل: الرين أيسر من الطبع والطبع أيسر من الختم والأقفال.
وتحقيق ذلك أن الله سبحانه خلق القلب نورانيا أبيض بمنزلة المرآة المجلوة الصافية فإذا أذنب