العبد جعل الله ذلك الذنب نقطة سوداء في قلبه فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي النور والبياض فعند ذلك لا يرجع إلى خير أبدا، فهذه التغطية صحت نسبتها إليه سبحانه كما صحت نسبتها إلى الذنوب كما في قوله تعالى: (بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) وما ذكرنا دلت عليه الأخبار الكثيرة المعتبرة. ويقرب منه قول بعض المعتزلة:
إنها علامة يخلقها الله تعالى في القلب تعرف الملائكة (عليهم السلام) بها أن من خلقت فيه يذم فيلعنونه.
وقال بعضهم: هي إعدام اللطف وأسباب الخير، والتمكين من أسباب. ضده. وقال بعضهم: هي الشهادة عليهم. وقال محي الدين والآبي من علمائهم: هي عند أهل السنة خلق الكفر.
قوله (لا يعقلون بنبوتك) أي لا يدركون حقيتها وحقيقتها لفرط رسوخ الباطل في قلوبهم وعدم تفكرهم في المعجزات الباهرة والآيات الظاهرة الدالة على صحة نبوتك.
قوله (سواء عليهم استغفرت لهم) أي الاستغفار وعدمه متساويان في أنه تعالى لن يغفر لهم أبدا، وفيه إخبار بأنهم يموتون بغير إيمان.
قوله (إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) إلى طريق الخير والصلاح، يعني يسلب لطفه وتوفيقه عنهم لفرط رسوخهم في الكفر وشدة انهماكهم في الشر حتى أبطلوا بذلك استعداد قبول اللطف والتوفيق، أو المراد أنه لا يهديهم في الآخرة إلى طريق الجنة.
قوله (قال: إن الله ضرب مثل من حاد) أي مال، تقول: حاد عن الشيء يحيد حيودا وحيدا وحيدودة إذا مال عنه، وعدل يعني من مال عن ولاية علي كمن ضل عن الطريق ويمشي على وجهه مثل الحيات والعقارب لا يهتدي لأمره ويتحير فيه حيث لا يبصر إلا موضع قدمه فلا يقدر على أن يدرك طريق مقصده، وجعل من تبع عليا (عليه السلام) واتخذه علما هاديا سويا قائما سليما من العثار، ناظرا إلى جميع جوانبه، عارفا بطريق الخير والشر، يمشي على صراط مستقيم يوصل سالكه المقصود، والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام).
قوله (يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي) أشار إلى أن الرسول الكريم جبرئيل (عليه السلام) وهو مكرم ومعزز من عند الله تعالى يأتي بالوحي من قبله، وأن الضمير في قوله «إنه» راجع إلى ولاية علي (عليه السلام) وتخصيصه بالقرآن غير موجه، نعم يمكن إرجاعه إلى المنزل ليعم ما نحن فيه لأنه من أفراد المنزل وكأنه المراد هنا.
قوله (قليلا ما تؤمنون) أي ما تؤمنون بالولاية إيمانا قليلا عند ظهور كونها من قبله تعالى لفرط الحسد والعناد.
قوله (قالوا: إن محمدا كذاب) قيل: نقل أنه (صلى الله عليه وآله) لما نصب عليا ونزلت آية المودة قال الذين لم