سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه، لا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم.
* الشرح:
قوله (ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم) لأن حجتهم على المخالفين بأن إمامهم أعلم من إمامهم فإذا قالوا بأن إمامهم ليس عالما بجميع الأشياء فقد كسروا حجتهم وخصموا أنفسهم إذ للمخالفين أن يقولوا: لا فرق بيننا وبينكم في أن إمامنا وإمامكم سواء في العلم وعدمه.
قوله (بضعف قلوبهم) لعدم قوتها ومعرفتها حق الإمام بنسبة ما لا يليق إليه من الجهل بالمعارف والأحكام.
قوله (فينقصونا حقنا) «حقنا» بدل عن الضمير المتكلم مع الغير، والمراد به العلم بجميع الأشياء حيث يعتقدون أن لا علم لنا بجميعها.
قوله (ويعيبون ذلك) أي يذمون من عرفنا بالفضل وكمال العلم حق المعرفة وسلم لأمرنا من العلم التام وينكرون ذلك عليه.
قوله (ويقطع عنهم مواد العلم) بأن لا يرد عليهم من الله تعالى علم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم واحتياجهم في كماله كالخلفاء الجاهلين بأكثر أموره.
قوله (فقال له حمران) كأنه قال: إن كان لهم العلم بجميع الأمور لم أقدموا على ما فيه هلاكهم مما ذكر، وحاصل الجواب أنه كان لهم علم بذلك بإخبار الرسول وأقدموا عليه بعد تقدير الله تعالى ذلك وأمره إياهم على سبيل التخيير بينه وبين عدمه وقضائه وإمضائه بعد اختيارهم ليبلغوا درجة الشهادة ومحل الكرامة منه تعالى، ولئلا يبقى للخلق حجة عليه بسكوت الجميع وقعودهم ومن لم يقدم منا كان ذلك أيضا بأمره جل شأنه لمصلحة وبالجملة كل من القيام وعدمه والسكوت وعدمه منا إنما كان بأمر الله تعالى.
قوله (ولو أنهم يا حمران) كما هم كانوا مخيرين بين القيام وعدمه واختاروا القيام لأمر الله تعالى على سبيل التخيير كذلك كانوا مخيرين بين الدعاء عليهم بالاستيصال وتركه واختاروا الترك شوقا إلى لقاء الله تعالى ليزداد مثوبتهم واستدراجا للطواغيت ليشتد عقوبتهم، وإيقانا بسرعة انقطاع ملكهم وتفرق جمعهم.
قوله (أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد) السلك بالكسر الخيط الذي ينظم فيه اللؤلؤ، والتبدد التفرق، شبه اتصال ابتداء دولتهم بانقطاعها باتصال انقطاع السلك بتفرق ما هو منظوم فيه مبالغة في السرعة.