ابن عباس (رضي الله عنه) وسأله معاوية عنه قال كان وكان فلم يبق محمدة من محامد الدين والدنيا إلا وصفه بها، مع ما ورد فيه من الآثار المنبهة على مناقبه، هذه صفاته وأما إثبات إمامته فبإجماع الأمة عليها بعد قتل عثمان، انتهى كلامه بعبارته. فانظر أيها اللبيب كيف اعترف بفضله واستحقاقه للخلافة وأخره عن عثمان بدعوى الإجماع وقد عرفت حال الإجماع مما ذكرناه سابقا.
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن مثنى، عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «سلوني عما شئتم، فلا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به» قال: إنه ليس أحد عنده علم شيء إلا خرج من عند أمير المؤمنين (عليه السلام). فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الأمر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته.
* الشرح:
قوله (سلوني عما شئتم) قال بعض الأفاضل: أجمع الناس على أنه لم يقل أحد من الصحابة وأهل العلم: سلوني عما شئتم غيره (عليه السلام) ذكر ذلك ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب وقال بعضهم:
تعرض للأسئلة عن كل ما شاؤوا وأرادوا ولم يكن يجترئ أحد غيره من سائر الصحابة والتابعين ولو ادعى غيره ذلك لكذبه العيان وفضحه الامتحان، وقال بعضهم: قام إليه أنس النخعي حين قال (عليه السلام) ذلك فقال: أخبرني كم في لحيتي ورأسي طاقة شعر، فقال: والله حدثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن على كل طاقة شعر من رأسك ملك يلعنك وأن كل طاقة شعر من لحيتك شيطان يغويك وأن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله. وكان ابنه سنان بن أنس قاتل الحسين (عليه السلام) وهو يومئذ طفل يحبو، قال صاحب الطرائف: ومن عجيب آيات الله في مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومعجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أصحاب التواريخ وجماعة من العلماء ذكروا أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال على رؤوس الأشهاد بمحضر الأعداد والحساد «سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة إلا أخبرتكم به» ثم قال بعد كلام طويل: وفي ذلك عدة عجائب منها أن هذا مقام لم يبلغه ولا ادعاه أحد من القرابة والصحابة قبله ولا بعده بل ما تحققنا مثله عن نبي سابق ولا وصي لاحق، وأقصى ما عرفناه عن أحد من الأنبياء والأولياء في نحو ما علمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الأشياء قول عيسى (عليه السلام) (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) وما بلغنا عنه مثل عموم قول علي (عليه السلام) وهذه حجة له على أهل المشارق والمغارب وآية لله قاهرة ومعجزة لرسوله باهرة.
قوله (فليذهب الناس حيث شاؤوا) أي فليذهب الناس في طلب العلم حيث شاؤوا، والأمر