شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٦ - الصفحة ٣٩٨
الفعل المتقدم وقوله الخلق غيرنا (1) جواب له، وحاصله أن مصداق الجبل في الكلام المتقدم خلق غيرنا أهل البيت لأن الله خلق طينتنا من عشر طينات ولأجل ذلك شيعتنا منتشرة في الأرضين والسماوات وجبل فينا الروحين جميعا انتهى، أقول: يمكن أن يراد بالخلق الجماعة من المخلوقات ويجعل مبتدء وما بعده خبره ويراد حينئذ بالجبل الجماعة المذكورين من الناس وغيرهم الذين جبلهم الله تعالى من إحدى الروحين وإحدى الطينتين. قال الجوهري: الجبل الجماعة من الناس وفيه لغات قرء بها قوله تعالى: (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) [بضم الجيم وسكون الباء] عن أبي عمرو. وجبلا [بضمهما] عن الكسائي وجبلا [بكسر الجيم وسكون الباء] عن الأعرج وعيسى بن عمر.
وجبلا بالتشديد والكسر عن أهل المدينة. ونقل عن الشيخ بهاء الملة والدين أن معنى قوله «الخلق غيرنا» أن مادة بدننا لا تسمى جبلة بل تسمى طينة لأنها خلقت من العشر طينات. انتهى.
وفيه أن هذا الكلام لا يدل على هذا المعنى على أنه لا وجه لتخصيصهم بذلك لأن غيرهم من الأنبياء خلقت أبدانهم من الخمس طينات.
قوله (فأطيب بها طيبا) (2) الظاهر أن الضمير راجع إلى العشر طينات والروحين وأن أطيب

(1) قوله «الخلق غيرنا جواب له» حمله الأسترآبادي على غير محمله لأن قوله (عليه السلام): الخلق، جواب فقط «وغيرنا أهل البيت» مستثنى من قوله في الجملة السابقة «ما من نبي ولا ملك انتهى» يعني كل نبي وملك من إحدى الطينتين وأحد الروحين غيرنا أهل البيت فإنا من كليهما والجملة المعترضة تمت عند قوله: الخلق يعني، سألته (عليه السلام) عن معنى الجبل فقال (عليه السلام): الجبل بمعنى الخلق. ثم رجع الراوي إلى كلامه السابق وأتمه بالاستثناء، وعلى هذا فقول الشارح: ويجعل مبتدء وما بعده خبره أيضا غير صحيح بل هو أفحش (ش).
(2) قوله «فأطيب بها طيبا» قال صاحب الوافي (رحمه الله) ونقله المجلسي في المرآة أيضا: كأنه شبه علم الأنبياء (عليهم السلام) بالنهر لمناسبة ما بينهما في كون أحدهما مادة حياة الروح والآخر مادة حياة الجسم وعبر عنه بالنور لإضاءته وعبر عن علم من دونهم من العلماء بنور النور لأنه من شعاع ذلك النور، وكما أن حافتي النهر يحفظان الماء في النهر ويحيطان به فيجري إلى مستقره كذلك الروحان يحفظان العلم ويحيطان به ليجري إلى مستقره وهو قلب النبي (صلى الله عليه وآله) أو الوصي والطينات الجنانية كأنها من الملكوت والأرضية من الملك فإن من مزجهما خلق أبدان نبينا والأوصياء (عليهم السلام) من أهل البيت بخلاف سائر الأنبياء والملائكة فإنهم خلقوا من إحدى الطينتين كما أن لهم أحد الروحين خاصة من بعد جبله خلقه دون مرتبته. انتهى. وانما عبر بكأن الدال على ترديده لعدم حكمه بأن مراد الإمام (عليه السلام) ما ذكره ولا بأس به لأن الحديث غير نقي الإسناد وليس معناه من واجبات الاعتقاد والغرض التبرع بالشرح إن فرض صدوره من الإمام (عليه السلام) وهذا الحديث على فرض صحته مصداق ما ورد: «إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان» وفيه رد على من زعم أن ما لا يفهمه العقول السذج فهو باطل وأن كل ما ورد في الأحاديث يجب أن يعرفه جميع الناس وإلا فهو زخرف ونحن نرى في الأحاديث أمورا يختص بفهمه الحكماء الإلهيون الماهرون في العقليات ولا يعرف الناقلون شيئا من معناه أصلا وقد يدق عن فهم الحكماء أيضا وما ذكره صاحب الوافي (رحمه الله) لا يخلو عن تكلف خصوصا حمله الروحين على قلب النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) لأن الظاهر أن الروحين مع جميع الأئمة (عليهم السلام) فهما قوتان من قوى النفوس القدسية لقوله «وأما الأرواح فمن فوق ذلك» وجميع هذه الروايات تدل على استقلال الروح عن الجسد وعدم كونها عرضا من أعراض المادة وإلا لكان متأخرا مترتبا على خلق الأجسام خلافا للملاحدة والماديين عليهم لعائن الله فإن الموجود عندهم منحصر في الجسم المادي وكل شيء غيره عرض أو مظهر وحركة لها، قالوا: إن الروح الإنساني واقع في عمق عميق من مراحل المادة كالنور والحرارة وسائر مظاهر التموجات والتشعشعات إلا أن الصنعة وآلاتها إلى الآن لم تعثر على مرحلة الروح كما عثرت على هذه التموجات والحق أن الروح من أمر الله جاء من أعلى درجات العليين فوق المادة تحت عرش الرحمن وليس واقعا في العمق ولا في المادة. (ش)
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الحديث الثاني من باب شأن (إنا أنزلناه) 3
2 باب في أن الأئمة (عليهم السلام) يزدادون في ليلة الجمعة 24
3 باب لولا أن الأئمة (عليهم السلام) يزدادون لنفد ما عندهم 26
4 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (عليهم السلام) 28
5 باب نادر فيه ذكر الغيب 30
6 باب أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا 36
7 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم 37
8 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء (عليهم السلام) 43
9 باب أن الله لم يعلم نبيه إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنه كان شريكه في العلم 48
10 باب جهات علوم الأئمة (عليهم السلام) 49
11 باب أن الأئمة (عليهم السلام) لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه 51
12 باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى الأئمة (عليهم السلام) في أمر الدين 53
13 باب في أن الأئمة (عليهم السلام) بمن يشبهون ممن مضى، وكراهية القول فيهم بالنبوة 60
14 باب أن الأئمة (عليهم السلام) محدثون مفهمون 66
15 باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة (عليهم السلام) 69
16 باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (عليهم السلام) 74
17 باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي كان قبله عليهم جميعا السلام 80
18 باب في أن الأئمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء 82
19 باب أن الإمام (عليه السلام) يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات) إلى أهلها، فيهم (عليهم السلام) نزلت 84
20 باب أن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد (عليهم السلام) 89
21 باب أن الأئمة (عليهم السلام) لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عزوجل وأمر منه لا يتجاوزونه 92
22 باب الأمور التي توجب حجة الإمام (عليه السلام) 104
23 باب ثبات الإمامة في الأعقاب وأنها لا تعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات 108
24 باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الأئمة (عليهم السلام) واحدا فواحدا 109
25 باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين (عليه السلام) 126
26 باب الإشارة والنص على الحسن بن علي (عليهما السلام) 148
27 باب الإشارة والنص على الحسين بن علي (عليهما السلام) 158
28 باب الإشارة والنص على علي بن الحسين (عليهما السلام) 168
29 باب الإشارة والنص على أبي جعفر (عليه السلام) 170
30 باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) 172
31 باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى (عليه السلام) 175
32 باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) 182
33 باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) 205
34 باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث (عليه السلام) 214
35 باب الإشارة والنص على أبي محمد (عليه السلام) 219
36 باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (عليه السلام) 226
37 باب في تسمية من رأى القائم (عليه السلام) 230
38 باب في النهى عن الاسم 236
39 باب نادر في حال الغيبة 238
40 باب في الغيبة 249
41 باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة 272
42 باب كراهية التوقيت 332
43 باب التمحيص والامتحان 337
44 باب إنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر 342
45 باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل 345
46 باب فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله 351
47 باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى، وهو من الباب الأول 354
48 باب فيمن عرف الحق من أهل البيت (عليهم السلام) ومن أنكر 357
49 باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام (عليه السلام) 359
50 باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه 366
51 باب حالات الأئمة (عليهم السلام) في السن 371
52 باب إن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة (عليهم السلام) 377
53 باب مواليد الأئمة (عليهم السلام) 380
54 باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم (عليهم السلام) 393
55 باب التسليم وفضل المسلمين 401
56 باب أن الواجب على الناس بعدما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام فيسألونه معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له 407
57 باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار (عليهم السلام) 410
58 باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم 413
59 باب في الأئمة (عليهم السلام) أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة، عليهم السلام والرحمة والرضوان 419
60 باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد (عليهم السلام) 422
61 باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة (عليهم السلام) وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل 426
62 فهرس الآيات 431