وفي كتاب الطرائف: روى حديث الغدير محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ من خمس وعشرين طريقا وأفرد له كتابا سماه كتاب العلاة، ورواه أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة من مائة وخمسة طرق وأفرد له كتابا سماه كتاب الولاة، وذكر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب الاقتصاد ان قد رواه من مائة وخمس وعشرين طريقا، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده من أكثر من خمسة عشر طريقا، ورواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب من اثني عشر طريقا، وذكر صاحب الطرائف أيضا أنه ذكر ابن عقدة في الكتاب المذكور الإخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك وذكر أسماء الرواة من الصحابة والكتاب عندي وعليه خط الشيخ العالم الرباني أبو جعفر الطوسي وجماعة من شيوخ الإسلام، وهذه أسماء من روى حديث غدير خم عن الصحابة وعد أحدا ومائتين من أسماء الصحابة ومن أراد أن يعلمها فليرجع إلى الطرائف.
قوله (فأنزل الله عزوجل اليوم أكملت لكم دينكم) روى مسلم في صحيحه بإسناده عن طارق ابن شهاب قال: قال يهودي لعمر: لو علينا معشر يهود نزلت هذه الآية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ونعلم اليوم الذي أنزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. وفي أخرى قال - يعني ابن شهاب: جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال: آية في كتابكم نقرؤها لو علينا نزلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: وأي آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم - الآية) فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله بعرفات في يوم الجمعة ونحن معه.
قال القرطبي: هو يوم عرفة في حجة الوداع، وقال مجاهد: نزلت في يوم فتح مكة. ورواياتنا دلت على أنها نزلت في حجة الوداع يوم غدير خم، وذهب إلى ما أشار إليه (عليه السلام) من قوله: «يقول الله لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة» مجاهد حيث قال «دينكم» معناه شرائع دينكم لأنها نزلت نجوما وآخر ما نزل منها هذه الآية.
وكذا ذهب إليه ابن عباس حيث قال: ولم ينزل بعد هذه الآية حكم ومعنى الآية بحسب تفسير أهل البيت (عليهم السلام) اليوم أكملت لكم دينكم بولاية علي (عليه السلام) وأتممت عليكم نعمتي بإكمال الشرائع بإمامة علي (عليه السلام) ورضيت لكم الإسلام دينا بخلافته. والعامة لما لم يعرفوا ذلك اعترضوا على الله سبحانه بأنه لم يزل كان راضيا بدين الإسلام فلم يكن لتقييد الرضا باليوم فائدة، وأجاب القرطبي بأن معنى قوله: «رضيت لكم الإسلام دينا» أعلمتكم برضاي له دينا اليوم، وإلا فهو سبحانه كان دائما راضيا بذلك فلا يرد أنه لا فائدة للتقييد باليوم لأن رضاه كان دائما لأن الإعلام برضاه وقع في ذلك اليوم. فاعرف قبح ذلك وكن من الشاكرين.