شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
البشرية والداعي إليه في بيداء العوالم السفلية ولذلك قال في بعض كلامه: «سلوني قبل أن تفقدوني» (1)، وقد نقل عن ابن عبد البر - وهو من أعاظم علماء العامة - أنه قال: أجمع الناس على أنه لم يقل أحد من الصحابة وأهل العلم «سلوني» غيره (عليه السلام) وهذا دليل على أنه معدن العلم.
* الأصل:
8 - محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أعلم كتاب الله وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر الجنة وخبر النار وخبر ما كان و [خبر] ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفي، إن الله يقول: (فيه تبيان كل شيء)».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله)) ولادة صورية ومعنوية، أما الصورية فظاهرة، وأما المعنوية فلأن المعلم الرباني أب روحاني للمتعلم، وقد كانت له (عليه السلام) كلتا الولادتين; لأن جسمه المطهر وروحه المقدس وعقله المنور مشتقة من جسم النبي وروحه وعقله (صلى الله عليه وآله) فعلمه عين علمه وكماله عين كماله، والولد الطيب سر أبيه ولذلك قال:
(وأنا أعلم كتاب الله) يعني أعلمه كما انزل بتأييد رباني وإلهام لدني وتعليم أبوي وإعلام نبوي، وينبغي أن يعلم أن علم الأئمة الطاهرين ليس كعلمنا ولا تعلمهم مثل تعلمنا بحيث يحتاجون إلى زمان طويل وفكر كثير بل كان يكفيهم لكمال ذاتهم ونقاوة صفاتهم وصفاء أذهانهم وقوة أفهامهم أدنى توجه وأقصر زمان لكمال الاتصال بينهم وبين المفيض بل كانوا عالمين أبدا غير جاهلين أصلا في بدء الفطرة وأصل الخلقة، جعلهم الله تعالى أساس الدين وعماد اليقين وأثبت لهم حق الولاية وخص بهم لواء الخلافة ليفيء إليهم القاصرون ويلحق بهم الناقصون، زادهم الله شرفا وتعظيما وجدد لهم توقيرا وتكريما، ثم أراد أن يشير إلى أنه عالم بالحلال والحرام وعارف بجميع الأحكام وبصير بجميع الامور والأسباب لأن كلها في الكتاب يعرفها من نظر إليه وهو في العلم وحيد (أو

1 - النهج قسم الخطب، تحت رقم 187.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست