الحروف المقطعة والمحكم غيرها، وقيل: المتشابه ما اتفق لفظه وغمض إدراك الفرق بين معانيه كقوله تعالى: (وأضله الله على علم) مع قوله تعالى: (وأضل فرعون قومه وما هدى) فلفظ الإضلال فيهما واحد واختلاف حقيقة اللفظين يعسر إدراكه من حيث اللفظ وإنما يدرك بالعقل اختلاف هذه المعاني وما يصح منها وما لم يصح.
وقيل: المحكم آيات الأحكام والمتشابه آيات الوعيد.
وقيل: المحكم ما يعلمه الراسخون في العلم والمتشابه ما انفرد الله تعالى بعلمه.
وقيل: المحكم الوعد والوعيد والحلال والحرام والمتشابه القصص والأمثال.
وقيل: المتشابه آيات الساعة والمحكم ما عداها.
(وحفظا ووهما) مصدران بمعنى المحفوظ والموهوم. وفي نهج البلاغة: الحفظ ما حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما هو، والوهم ما غلط فيه فتوهم مثلا أنه عام وهو خاص، أو أنه ثابت وهو منسوخ، إلى غير ذلك، ولما فرغ عن ذكر أنواع الكلام المنقول عنه (صلى الله عليه وآله) على وجه يشعر بوقوع الكذب والغلط فيه أشار إلى إثبات وجودهما في حال حياته وبعد موته (صلى الله عليه وآله) بالبرهان دفعا لاستبعاد السائل بقوله:
(وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده) في شرح نهج البلاغة ذلك نحو ما روي أن رجلا سرق رداء النبي (صلى الله عليه وآله) وخرج إلى قوم وقال: هذا رداء محمد أعطانيه لتمكنوني من تلك المرأة فاستنكروا من ذلك فبعثوا من سأله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقام الرجل الكاذب فشرب ماء فلدغته عقرب فمات، وكان النبي حين سمع بتلك الحال قال لعلي (عليه السلام): خذ السيف وانطلق، فإن وجدته وقد كفن فأحرقه بالنار، فجاء وأمر بإحراقه فكان ذلك سبب الخبر المذكور في قوله:
(حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس، قد كثرت علي الكذابة) الكذاب بفتح الكاف وتشديد الذال المعجمة من صيغ المبالغة والتاء لزيادة المبالغة وتأكيد لها والجار إما متعلق به أو بكثرت على تضمين أجمعت ونحوه كذا ضبطه الشيخ (رحمه الله) (1)، وقال السيد الداماد (رحمه الله): الكذابة بكسر الكاف وتخفيف المعجمة مصدر كذب يكذب، والمصدر على فعال وفعالة بكسر الفاء فاش في لغة فصحاء العرب ومنه كتب فلان الكتاب كتابا وكتابة، أي كثرت علي كذابة الكاذبين ويصح أيضا جعل الكذابة بمعنى المكذوب كالكتاب بمعنى المكتوب والتاء للتأنيث يعني كثرت الأحاديث المفتراة علي وأما الكذابة بالفتح والتشديد بمعنى الواحد البليغ في الكذب والتاء لزيادة المبالغة