شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٥
(وقد أعمت عيون أهلها) المراد بالعين إما البصر أو البصيرة، فهم على الأول لا يبصرون فساد نظام العالم، وعلى الثاني لا يدركون ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة لغلبة ظلمة الضلالة على ضمائرهم واستيلاء غشاوة الجهالة على بصائرهم.
(وأظلمت عليها أيامها) لغروب الملة والدين في آفاقها وظهور ظلمة الجور والكفر في أطراقها.
(قد قطعوا أرحامهم) الرحم عبارة عن قرابة الرجل من جهة طرفيه آبائه وامهاته وإن علوا وأبنائه وإن سفلوا، ويندرج فيه الأعمام والعمات والإخوة والأخوات وما يتصل بهؤلاء من أولادهم وأولاد أولادهم وفي صلتها برفع الأذى عنهم باليد واللسان وإزالة حاجتهم بالتفضل والإحسان منافع كثيرة وفوائد جليلة في الدنيا والآخرة، وقد رغب سبحانه فيها وأكد شأنها حيث قرنها باسمه جل شأنه ونسب حفظها إليه في قوله: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) وفي قطعها مفاسد عظيمة منها تفرق الأحوال وغلبة الرجال ونقصان الأموال وقصر الأعمار وغضب الجبار والعقوبة الشديدة في دار القرار.
(وسفكوا دماءهم) لأغراض نفسانية وآمال شيطانية لخلو ذلك الزمان عن قوانين شرعية وأحكام ربانية وسلطان مؤيد بتأييدات رحمانية، فإن الخلائق إذ تركوا وطباعهم ولم يكن بينهم حاكم عادل زاجر يرى كل واحد منهم حظ نفسه وأن يكون الأمر له لا عليه ويأخذ عن الغير ما في يده وإن بلغ إلى سفك الدماء وعاد نظام العالم إلى حد الفناء.
(ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم) الظرف أعني «بينهم» متعلق بالدفن والوأد الثقل، ومنه الموؤدة أي البنت المدفونة حية، يقال: وأد بنته يئدها من باب ضرب، وأدا فهي موؤودة أي دفنها في التراب وهي حية وكانوا يفعلون ذلك مخافة الإملاق أو لحوق العار بهم، وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه: (وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت)، وفي الصحاح: كانت كندة تئد البنات.
(يجتاز دونهم طيب العيش، ورفاهية خفوض الدنيا) الاجتياز بالجيم والزاي المعجمة المرور.
والدون التجاوز، والرفاهة والرفاهية الخصب والسعة في المعاش والتنعم من الرفه بالكسر وهو ورود الإبل، وذلك أن ترد الماء متى شاءت والخفض الدعة والراحة واللين، يقال: فلان في خفض من العيش إذا كان في سعة وراحة يعني بمر طيب العيش والرفاهية التي هي خفوض الدنيا أو في
(٢٩٥)
مفاتيح البحث: الوسعة (2)، الظلم (2)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست