والسياسات المدنية التي بها يتم نظام العالم والرشاد واستعانة بني آدم في أمر المعاش والمعاد.
(وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون) من أمر الدنيا والآخرة، ومن الثواب والعقاب، وكيفية الحشر والنشر، والحلال والحرام، والعقائد وغير ذلك.
(فلو سألتموني عنه لعلمتكم) أشار به إلى كمال علمه بحقائق القرآن ومعارفه وظواهره وبواطنه كيف لا وقد رباه النبي (صلى الله عليه وآله) صغيرا، ووضعه في حجره وليدا، وعلمه جميع ما انزل إليه تعليما؟ كما أشار إليه (عليه السلام) في بعض خطبه: «وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا وليد، ويضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه» (1).
قيل: وفي معناه ما رواه الحسن بن زيد بن علي بن الحسين، قال: سمعت زيدا يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمضع اللحمة والتمرة حتى تلين ويجعلها في فم علي (عليه السلام) وهو صغير في حجره (2)، ونقل عن مجاهد ما هو قريب منه، وقال بعض العامة: لقد كان فيه من الفضل والعلم ما لم يكن لجميع الصحابة، وبالجملة. هو (عليه السلام) بسبب تربية النبي (صلى الله عليه وآله) وشرافة نفسه القدسية كان أعلم الأولين والآخرين، وكان عالما بمنازل سكان السماوات ومراتبهم من الحضرة الربوبية ومقامات الأنبياء وخلفائهم من حظائر القدس وبأحوال الأفلاك ومداراتها وأحوال الأرضين وما فيها وبالامور الغيبية (3) والوقائع الماضية والمستقبلة وبمنازل القرآن ومقاماتها وهو لسان الحق في تيه الطبائع