وبالجملة: العلوم إما متعلقة بأحوال المبدأ وكيفية الإيجاد أو بامور الآخرة وأحوال المعاد أو بالامور الكائنة فيما بينهما والأحوال المتعلقة بتلك الامور. وقد أشار (عليه السلام) إلى أن في القرآن جميع هذه الأقسام (1). وقد أكد ذلك بقوله:
(وخبر ما كان و [خبر] ما هو كائن) على سبيل الإجمال بعد التفصيل والاختصار بعد الانتشار، وقد عد جمع من المحققين منهم صاحب الكشاف مثل ذلك من المحسنات فلا يرد أن ذلك تكرار بلا فائدة.
(أعلم ذلك كما أنظر إلى كفي) تأكيد لما مر من قوله: «وأنا أعلم الكتاب» مع الإشارة هنا إلى الزيادة في الإفادة بسبب تشبيه الإدراك العقلي بالإدراك الحسي قصدا لزيادة الايضاح والتقرير; لأن إدراك المحسوس أقوى من إدراك المعقول عند أكثر الناس وإن كان الأمر بالعكس عند الخواص وتنبيها على أن علمه بما في الكتاب علم شهودي كشفي بسيط واحد بالذات متعلق بالجميع كما أن رؤية الكف رؤية واحدة متعلقة بجميع أجزائه، والتعدد إنما هو بحسب الاعتبار وقد نشأ هذا العلم من إنارة عقلية وبصيرة ذهنية وقوة روحانية وهو أقوى من إدراك البصر عند اولي الألباب لأنهم يعرفون أن التفاوت بينهما بقدر التفاوت بين شعاع البصر ونور البصيرة.
(إن الله يقول: (فيه تبيان كل شيء)) دليل على ما أشار إليه من أن في القرآن خبر كل شيء مما كان وما يكون وما هو كائن وبرهان له لكسر أوهام العوام التي تتبادر إلى إنكار ذلك وعده من