شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
نعمة الإرسال والإنزال بكونها في تلك الحالة بيانا للواقع وإظهارا لقدر تلك النعمة; لأن النعمة تتزايد قدرها بحسب تزايد منافعها ولا ريب في أن خلو الزمان عن رسول يستلزم وجود الشرور وفشو الجور والظلم ووقوع الهرج والمرج وتلك أحوال مذمومة توجب تبدد النظام وتغير الأحكام وفساد أخلاق الناس وبعدهم عن الله ولحوق الذم بهم بمقدار ما يلحقهم من المدح في حال الطاعة والانقياد، فمن الله سبحانه عليهم بما ينقذهم من ورطة الردى والهلكات ويرشدهم في تيه العمى والجهالات، وينجيهم من ظلمة الهوى والشهوات، وتلك نعمة لا أعظم منها ولا يعرف أحد قدرها ولا يؤدي أحد شكرها.
(وطول هجعة من الامم) الهجعة بفتح الهاء وسكون الجيم طائفة من الليل وأيضا نومة خفيفة من أوله وهي من الهجوع كالجلسة من الجلوس، ففي الكلام على الأول استعارة مصرحة وترشيح بتشبيه بدعة الامم وجهلهم وكفرهم بطائفة من الليل في الظلمة واستعارة الهجعة لها، ونسبة الطول إليها وعلى الثاني كناية عن غفولهم في أمر المبدأ والمعاد وسائر المصالح التي ينبغي لهم ورقودهم في مراقد الطبيعة وذهولهم عما خلقوا لأجله.
(وانبساط من الجهل) أي من جهل الامم في مصالح الدنيا والآخرة وشموله لجميعهم إلا ما شذ وجريان أعمالهم وعقائدهم على غير قانون عدلي ونظام شرعي لأنه عند بعثته (صلى الله عليه وآله) لم يكن على التوحيد والشريعة السابقة إلا قليل ممن عصمه الله من الجهل والشرك والتغيير والتبديل وخلسة الشياطين وأما أكثرهم فقد بدلوا وغيروا وأشركوا وشرعوا لأنفسهم ما سولته العرب والعجم وأهل
(٢٨٩)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الجهل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست