* الأصل:
9 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان) ثقة ثبت صحيح واضح الطريقة.
(عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري) مجهول الحال.
(عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) الشبهة الالتباس، والمشتبهات الامور المشكلات، والمتشابهات المتماثلات; لأن بعضها يشبه بعضا، ومنه تشبيه شيء بشيء، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وإنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق» (1)، ومن طريق العامة:
«الفتنة تشبه مقبلة وتبين مدبرة»، يعني إذا أقبلت تشبهت على القوم وأراهم أنهم على الحق حتى يدخلوا فيها ويركبوا منها ما لا يجوز، فإذا أدبرت وانقضت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنه كان على الخطأ، والقحوم والاقتحام إلقاء النفس في مشقة والدخول فيها بلا روية، يقال: قحم في الأمر كنصر قحوما: رمى بنفسه فيه فجأة بلا روية، واقتحم عقبة أو وهدة: رمى بنفسه فيها على شدة ومشقة والهلكة بضم الهاء وسكون اللام، وقيل على مثال همزة الهلاك.
وملخص القول في هذا المقام: أنه إذا ورد على أحد أمر من الامور الشرعية، سواء كان متعلقا بالعبادات أو بالمعاملات أو بالمناكحات أو بغيرها فإما أن يعلم بنور بصيرته رشده فيتبع أو غيه فيجتنب أو لا يعلم شيئا منها، واشتبه عليه الأمران مثلا لا يعلم أن هذا الفعل الخاص مما أحل له الشارع أو حرمه عليه، فإن الوقوف عليه وعدم الأخذ به من حيث الحكم ومن حيث العمل متعين حتى ينكشف له الحال بالرجوع إلى حديث أهل الذكر (عليهم السلام) ولو بواسطة، أما من حيث الحكم فلأنه لو حكم بحليته أو بحرمته ولا علم له بهما فقد رمى نفسه في الهلاك والضلال فإنه أدخل في الدين ما ليس له به علم، وأما من حيث العمل فلأنه إذا ترك المشتبه بالحرام فقد نجا من الحرام قطعا، وإذا فعله فقد دخله قطعا.
لا يقال: القول بالوقوف عند الشبهة مشكل فيما إذا كان طلب أصل الفعل معلوما شرعا وله