* الأصل:
6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له خطب به على المنبر: «أيها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر، لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تدهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحق أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه، ومن يطع الله يأمن ويستبشر، ومن يعص الله يخب ويندم».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له خطب به على المنبر) بكسر الميم وفتح الباء، وفي الصحاح: نبرت الشيء أنبره رفعته. ومنه سمي المنبر.
(أيها الناس، إذا علمتم فاعملوا بما علمتم) المراد بالعلم هنا العلم المتعلق بالأعمال، وإن كان هذا العلم لا يتم ولا ينفع بدون العلم بالله وصفاته وسائر المعارف الإلهية.
(لعلكم تهتدون) أي لرجائكم أو حال كونكم راجين أن تكونوا من المهتدين، أي الثابتين على الهداية، لما مر من أن العلم مع العمل موجب للثبوت على سبيل الهداية وصراط الحق، وأن العلم بلا عمل مستودع. أو الطالبين لمرتبة اخرى من الهداية فوق ما كنتم عليه لأن مراتب العلم والهداية متفاوتة وكل مرتبة تعد القلب لقبول مرتبة اخرى فوقها، فمن علم شيئا أول مرة ظهر في قلبه نكتة بيضاء، وإذا عمل بما علمه ازدادت، وهكذا هلم جرا، وبعكس ذلك ترك العمل به. أو الواصلين إلى المطلوب الحقيقي الذي هو غاية الغايات ومبدأ الممكنات، وإليه تنتهي حركة كل عامل وطلب كل طالب (1); لأن العلم مع العمل سبب لمحو الظلمات البشرية وشهود التجليات الصمدية