ذاته ثم ظاهر القرآن مثل قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم وذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى)، وقوله تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) وفسره الصادقون (عليهم السلام) بأنه فطرهم جميعا على التوحيد والمعرفة به، وظاهر الأحاديث مثل ما روي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ومضمونه: «أن الطفل في بطن الام يعرف عهده وميثاقه فإذا أكمل أجله بعث الله ملكا فزجره زجرة فيخرج قد نسي الميثاق» (1) يدل على أن العلم مقدم على الجهل وكلام الصادقين أولى بالاتباع من كلام غيرهم، وقد يجاب من أصل الإشكال بوجوه اخر:
الأول: أن العلم كمال وخير والجهل نقصان وشر، والكمال والخير هو غاية كل شيء، فالعلم مقدم على الجهل تقدما بالغاية.
الثاني: أن العلم أشرف من الجهل، فله تقدم بالشرف والرتبة لا تقدم بالزمان.
الثالث: أن الجهل عدم العلم والأعدام إنما تعرف بملكاتها، فالجهل لا يعرف إلا بالعلم، والعلم يعرف بذاته لا بالجهل، فلا تقدم على الجهل بحسب الماهية.
* الأصل:
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية: (ولا تصعر خدك للناس)، قال:
«ليكن الناس عندك في العلم سواء».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة ثقة ثقة، لا يعدل به أحد في دينه وجلالته وورعه. قال الكشي: روي أنه كان واقفيا ثم رجع، وقال: إنه مما اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه «صه».
(ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية: (ولا تصعر خدك للناس)) في الصحاح: الصعر الميل في الخد خاصة، وقد صعر خده وصاعر أي أماله من الكبر.
ومنه قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس). وفي المغرب: الصعر ميل في العنق وانقلاب في الوجه إلى أحد الشقين، ويقال: أصاب البعير صعر وصيد وهو داء يلوي منه عنقه ويقال للمتكبر: فيه صعر وصيد ومنه قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس) أي لا تعرض عنهم تكبرا. وفي نهاية ابن الأثير: الصعار المتكبر، لأنه يميل بخده ويعرض عن الناس بوجهه.