شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١١٢
بالذكر ظاهر لوجوب المذاكرة معهم والتعلم منهم والفرار عن غيرهم; لأن من ذاكر غيرهم كانت إماتة العلم والضلالة أقرب منه من إحيائه والهداية، وإن اريد عكس ذلك فوجه تخصيصها هو التنبيه على أن مذاكرة العالم مع المتعلمين إنما يوجب إحياء العلم وحفظه عن الاندراس وحياة قلوبهم إذا كانوا من أهل الدين وأهل الورع، وإلا فربما يفسدون العلم ويغيرونه من أصله فلا يتحقق في تذاكرهم إحياء العلم وحفظه، وربما لا تقبل قلوبهم القاسية الصور العلمية; لأن انتقاش الصور العلمية في مرآة القلب موقوف على صفائها وجلائها وخلوصها من الرين، ولذلك قال بعض العارفين: تحلية القلوب بالفضائل متأخرة عن تخليتها عن الرذائل; لأن مرآة القلب القاسي لا يصقل بمصقال العلم.
وقال بعض المحققين: لا بد لطالب العلم من تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق وذمائم الأوصاف إذ العلم عبادة القلب وصلاته وكما لا تصح الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة إلا بتطهر الظاهر من الأحداث والأخباث كذلك لا تصح عبادة القلب وصلاته إلا بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف.
وعلى هذا فمن كان قسي القلب معلنا بالفسق ولم يرد بالعلم وجه الله تعالى بل إنما أراد به الرياء والسمعة وجعله شبكة لاقتناص اللذات الدنية واقتباس المشتهيات الشنيعة وكان مأسورا (1) في أيدي القوى البهيمية ومقيدا بحب الجاه والمال وادخاره وجمعه وإكثاره فهو ليس من أهل العلم وتحمله وتذاكره وإحيائه.
* الأصل:
8 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب إن القلوب لترين كما يرين السيف وجلاؤها الحديث».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمد الحجال) ثقة ثقة ثبت من أصحاب الرضا (عليه السلام).
(عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تذاكروا) أي تذاكروا العلم بينكم أو تذاكروا بعضكم بعضا بالخير.

1 - أي مأخوذا.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست