عقولهم الناقصة ويفتون بحكم آرائهم الباطلة ولا يمسكون عن طريق الغواية ولا ينظرون إلى سبيل يتوقع منه الهداية ولا يعلمون أن كف النفس عند حيرة الضلال خير لهم من الاقتحام في الأهوال، فهم من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن الحجاج) يرمى بالكيسانية (1)، ورجع إلى الحق، وكان ثقة ثقة ثبتا وجها.
(قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إياك وخصلتين) التركيب مثل إياك والأسد، فإياك منصوب بفعل مقدر أي بعد نفسك عن كل واحدة من خصلتين فحذف لضيق المقام أو لغرض آخر وابدل المفعول بالضمير المنفصل، وفيه تحذير له عنها; لأنها مهلكة.
(ففيهما هلك من هلك) تقديم الظرف لقصد الحصر مبالغة أو ليقرب الضمير من المرجع و «في» يحتمل الظرفية والسببية.
(إياك أن تفتي الناس برأيك) التركيب مثل إياك أن تحذف بتقدير من أن تحذف، وفيه تحذير للمخاطب وتبعيد له من إفتاء الناس بالقياس أو بحسب ظنه وتخمينه من غير أن يأخذ ذلك من الكتاب والسنة أو يسمعه من النبي والوصي أو ممن سمع منهما من الثقات ولو بواسطة، ووجه التحذير منه ظاهر لأن المفتي المخبر عن حكم الله تعالى وجب أن يكون آخذا له مما ذكر ومحترزا عن الإفتاء بالرأي غاية الاحتراز لأنه مهلك موجب للدخول في النار.
(أو تدين بما لا تعلم) أي إياك أن تعبد الله بما لا تعلمه وتتخذ دينا بغير علم (2) مستند إلى ما ذكر فتخرج من دين الحق فتهلك; لأن دين الحق عبارة عن مجموع القوانين التي وضعها النبي (صلى الله عليه وآله)