وأما اللسان فميدانه واسع جدا، وله في كل من الخير والشر مجال عريض، فلذلك حق المتعلق به أعظم الحقوق وأجلها. وقد يقال: وجه التخصيص أن المراد بالعباد هنا العلماء من أهل الكتب والفتاوي بقرينة حالية أو مقالية تحققت عند السؤال فلذلك اجيب بأخص صفاتهم، وفيه نظر:
أما أولا فلأن تخصيص العباد بالعلماء غير ظاهر.
وأما ثانيا فلأن حقوق الله على العلماء أيضا كثيرة فما وجه تخصيص هذا الحق بالذكر؟
وأما ثالثا فلأن الوقوف عندما لا يعلمون من حق الله على الجهال أيضا فليس الجواب بأخص صفات العلماء.
* الأصل:
8 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس [بن عبد الرحمن] عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله خص عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا، وقال عز وجل: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق)، وقال: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله)».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله) هو إسحاق بن عبد الله بن سعيد بن مالك الأشعري القمي، ثقة.
(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خص عباده بآيتين من كتابه) خص بالخاء المعجمة والصاد المهملة أو بالحاء المهملة والضاد المعجمة بمعنى حث، والمراد بالعباد جميعهم. ويحتمل أن يراد بهم العلماء العارفون بالكتاب والسنة والمستعدون لكسب الأحكام منهما استعدادا قريبا بقرينة الإضافة المفيدة للاختصاص وآيتين بالياء المثناة التحتانية ثم بالتاء المثناة الفوقانية.
(أن لا يقولوا) على الله في أمر من امور الدين.
(حتى يعلموا) ذلك على اليقين.
(ولا يردوا ما لم يعلموا) أي لا يجعلوا ما لم يعلموه مردودا باطلا لاحتمال أن يكون حقا فيكون رده ردا على الله سبحانه، فوجب عليهم أن لا يقولوا شيئا إلا بعد العلم بأنه حق ولا يردوا شيئا إلا بعد العلم بأنه باطل.
فإن قلت: ما موقع قوله: أن لا يقولوا؟ قلت: هو متعلق بخص بتقدير الباء أو بحث بتقدير «على» أي خص عباده أو حثهم في آيتين من كتابه أو بواسطة آيتين منه بأن لا يقولوا أو على أن لا يقولوا، وحذف حرف الجر مع أن، وأن قياس مطرد ومن قرأ قوله باثنين بالثاء المثلثة والنون وقال: معناه