أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قام عيسى بن مريم (عليه السلام) خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قام عيسى بن مريم (عليه السلام) خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها) الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والحكمة هي العلم بالمعارف والشرائع وتعليقها على أعناق الجهال وهم الذين يستنكفون منها (1) أو يفقدون قوة الاستعداد لإدراكها أو يضيعونها ويجعلونها وسيلة لنيل الشهوات النفسانية أو يستحقرون معلمها أو يؤذونه كان كتعليق الجوهر الثمين على أعناق الخنازير، بل أقبح منه عند أرباب البصائر الثاقبة، وهو ظلم على الحكمة، وعليه يحمل قوله (صلى الله عليه وآله): «لا تعلقوا الجواهر في أعناق الخنازير» (2)، والنهي عن كتمانها والوعيد عليه محمول على النهي عنه عن أهلها، كيف وقد كتمها النبي (صلى الله عليه وآله) في أول البعثة عن كفرة قريش، وفي تبليغ ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ كما يرشد إليه قوله (عليه السلام): «ها إن هاهنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة»؟! بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه مستعملا آلة الدين للدنيا ومستظهرا بنعم الله على عباده وبحججه على أوليائه أو متقلدا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة ألا لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة أو مغرما بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شيء