خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، ومنها عهد أخذه عليهم بخلافة سيد الوصيين. (لأن العلم كان قبل الجهل) تعليل لتقدم أخذ العهد على العلماء (1) ببذل العلم على أخذ العهد على الجهال بطلبه.
قيل: فيه إشكال لأن كل واحد من أفراد الناس في أول الخلقة جاهل ثم يكتسب العلم ويصير عالما أو لا يكتسبه فيبقى على جهله فكيف يكون العلم قبل الجهل؟
أقول: لا دلالة فيه على أن العلم المتقدم والجهل المتأخر بالنسبة إلى محل واحد أو إلى شخص، بل إنما يدل على أن وجود حقيقة العلم قبل تحقق حقيقة الجهل (2) فيجوز أن يراد بالعلم المتقدم علم الواجب أو علم الروحانيين أو علم نبينا (صلى الله عليه وآله) وعلم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) لأنهم أنوار إلهية ولم تكن علومهم مسبوقة بجهل أصلا، وقد ثبت أنهم كانوا معلمي الملائكة في علم التوحيد وصفات الحق. وهذا القدر كاف في التعليل، ولو فرض تحقق تلك الدلالة فقوله: كل واحد من أفراد الإنسان في أول الخلقة جاهل ممنوع، ولم يقم عليه برهان، وما اشتهر بينهم من أن النفس في أول الفطرة خالية عن العلوم كلها وقالوا: يظهر ذلك لذوي الحدس بملاحظة حال الطفل وتجارب أحواله فمدفوع بما ذكره ابن سينا من أن الطفل يتعلق بالثدي حال التولد بإلهام فطري، ولو قالوا: المراد بمبدأ الفطرة حال تعلق النفس بالبدن وهو سابق على تلك الحالة ورد عليهم: أنه كيف تحصل التجربة بخلو النفس عن العلم في حال تعلقها بالبدن على أنه لو تم فإنما يدل على خلوها عن العلم الحصولي دون الحضوري؟
وقد صرحوا أيضا بذلك حيث قالوا: خلو النفس عن العلم بذاتها باطل; إذ المجرد لا يغفل عن