في وقتكم هذا وخذوا معكم الجمل غلاما كان له اسود يعرف بالجمل وكان لو حمل هذا الغلام على سكر (1) دجلة لسكرها من شدة بأسه، وامضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتن به الناس ويقولون انه قبر علي حتى تنبشوه وتجيئوني بأقصى ما فيه فمضينا إلى الموضع فقلنا دونكم واما امر به، فحفر الحفارون وهم يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم في أنفسهم، ونحن في ناحية حتى نزلوا خمسة أذرع فلما بلغوا إلى الصلابة قال الحفارون: قد بلغنا إلى موضع صلب وليس نقوى بنقره، فانزلوا الحبشي فاخذ المنقار فضرب ضربة سمعنا لها طنينا شديدا في القبر ثم ضرب ثانية سمعنا لها طنينا أشد من ذلك، ثم ضرب الثالثة فسمعنا طنينا أشد مما تقدم وثم صاح الغلام صيحة فقمنا فأشرفنا عليه وقلنا للذين كانوا معه: سلوه ماله، فلم يجبهم وهو يستغيث فشدوه وأخرجوه بالحبل فإذا على يده من أطراف أصابعه إلى مرفقه دم وهو يستغيث لا يكلمنا ولا يحسن جوابا، فحملناه على البغل ورجعنا طائرين، ولم يزل لحم الغلام ينتثر من عضده وجنبه وسائر شقه الأيمن حتى انتهينا إلى عمي فقال: أيش وراءكم؟ فقلنا: ما ترى وحدثناه بالصورة، فالتفت إلى القبلة وتاب مما هو عليه ورجع عن المذهب وتولى وتبرأ وركب بعد ذلك في الليل إلى علي بن مصعب بن جابر فسأله ان يعمل على القبر صندوقا ولم يخبره بشئ ووجه بمن طم الموضع وعمر الصندوق عليه، ومات الغلام الأسود من وقته قال أبو الحسن بن الحجاج: رأينا هذا الصندوق الذي هذا حديثه لطيفا وذلك قبل ان يبنى عليه الحايط الذي بناه الحسن بن زيد.
(١١٢)