عمله مستبطئا لنفسه في العمل (1). يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي و همه الشكر. يصبح وهمه الذكر، يبيت حذرا ويصبح فرحا. حذرا لما حذر من الغفلة. فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة. إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما هويت (2) فرحه فيما يحذر وقرة عينه فيما لا يزول (3). وزهادته فيما يفنى.
يمزج الحلم بالعلم ويمزح العلم بالعمل. تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله قليلا زلله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، متغيبا جهله (4)، سهلا أمره، حريزا دينه، ميتة شهوته، مكظوما غيظه، صافيا خلقه، لا يحدث الأصدقاء بالذي يؤتمن عليه، ولا يكتم شهادة الأعداء، لا يعمل شيئا رئاء، ولا يتركه استحياء. الخير منه مأمول والشر منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين (5). يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه، لا يعزب حلمه، ولا يعجز فيما يزينه (6)، بعيدا فحشه، لينا قوله، غائبا مكره، كثيرا معروفه (7)، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شره. فهو في الزلازل وقور (8)، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض، (9) ولا يأثم فيمن يحب، ولا يدعي ما ليس له، ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ (10)، ولا ينابز بالألقاب، لا يبغي ولا يهم به، ولا يضار بالجار، ولا