تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٨٦
إلا حرمه شكرهم وكان خيره لغيره. فإن بقي معه منهم من يريه الود ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب (1) وإنما يقرب لينال من صاحبه مثل الذي كان يأتي إليه قبل. فإن زلت بصاحبه النعل واحتاج إلى معونته ومكافأته فأشر خليل وألام خدين (2) مقالة جهال ما دام عليهم منعما وهو عن ذات الله بخيل فأي حظ أبور وأخس من هذا الحظ؟!. وأي معروف أضيع وأقل عائدة من هذا المعروف؟!. فمن أتاه مال فليصل به القرابة وليحسن به الضيافة وليفك به العاني (3) والأسير وليعن به الغارمين وابن السبيل والفقراء والمهاجرين وليصبر نفسه على الثواب والحقوق فإنه يحوز بهذه الخصال شرفا في الدنيا ودرك فضائل الآخرة (4).
* (وصفه عليه السلام الدنيا للمتقين) * قال جابر بن عبد الله الأنصاري: كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة فلما فرغ من قتال من قاتله أشرف علينا من آخر الليل (5) فقال: ما أنتم فيه؟ فقلنا: في ذم الدنيا.
فقال: على م تذم الدنيا - يا جابر -؟! (6).

(١) ملق - بفتح فكسر ككذب مصدر -: التودد والتذلل والاظهار باللسان من الاكرام والود ما ليس في القلب. وفى الأمالي [وكان لغيره ودهم فان بقي معه من يوده يظهر له الشكر الخ].
(٢) الخدين: الحبيب والصديق.
(٣) العاني: السائل.
(٤) في الأمالي [فان الفوز بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة].
(5) أشرف علينا: دنا منا وأشفق " فقال: ما أنتم فيه " أي في أي حال أنتم وما كلامكم؟.
(6) رواه الشيخ الطوسي في المجلس السابع من أماليه مع اختلاف كثير قد تعرضنا لبعضه في الهامش. عن جابر بن عبد الله قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام في جماعة من أصحابه أنا فيهم إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها، فذمها رجل وذهب في ذمها كل مذهب فقال أمير المؤمنين (ع): أيها الذام للدنيا أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك فقال: بل أنا المتجرم عليها يا أمير المؤمنين، قال فيم تذمها أليست منزل صدق لمن صدقها - إلى آخر الكلام - ورواه محمد بن طلحة في مطالب السؤول ص 51 الطبعة الأولى. والمفيد أيضا في الارشاد مع اختلاف.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست