من الآخرة أحوج. فإن عرض لك أمران أحدهما للآخرة والآخر للدنيا فابدأ بأمر الآخرة. وإن استطعت أن تعظم رغبتك في الخير وتحسن فيه نيتك فافعل، فإن الله يعطي العبد على قدر نيته إذا أحب الخير وأهله وإن لم يفعله كان إن شاء الله كمن فعله.
ثم إني أوصيك بتقوى الله، ثم بسبع خصال هن جوامع الاسلام: تخشى الله ولا تخشى الناس في الله فإن خير القول ما صدقه الفعل. ولا تقض في أمر واحد بقضائين فيختلف عليك أمرك وتزل عن الحق. وأحبب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك وأكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك وألزم الحجة عند الله وأصلح رعيتك (2) وخض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم وأقم وجهك. وانصح للمرء المسلم إذا استشارك واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم. " وأمر بالمعروف وانه عن المنكر. واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ". والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
* (ومن كلامه عليه السلام في الزهد وذم الدنيا وعاجلها) * إني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات وتحببت بالعاجلة وعمرت بالآمال (3) وتزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها (4) ولا تؤمن فجعتها، غرارة، ضرارة، زائلة، نافدة أكالة، غوالة (5)، لا تعدو - إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا بها - أن تكون كما قال الله سبحانه: " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شئ مقتدرا " (6). مع أن امرءا لم يكن منها