موعظة وحضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم وحذرهم وهم ساهون لاهون، فأغاظه ذلك، فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إليهم فقال: إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا. ألا يا أشباحا بلا أرواح وذبابا بلا مصباح كأنكم خشب مسندة (1) وأصنام مريدة. ألا تأخذون الذهب من الحجر، ألا تقتبسون الضياء من النور الأزهر، ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر. خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها، فإن الله يقول: " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله (2) " ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانيا ويعطيك باقيا، درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة من جواد كريم، آتاك الله عند مكافأة (3) هو مطعمك وساقيك وكاسيك ومعافيك وكافيك وساترك ممن يراعيك. من حفظك في ليلك ونهارك وأجابك عند اضطرارك وعزم لك على الرشد في اختبارك. كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك دعوته فاستجاب لك، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر، فنسيته فيمن ذكر. وخالفته فيما أمر. ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب (4). كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه، فارتكبته كأنك لست بعين الله. أو كأن الله ليس لك بالمرصاد. يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك وأوهى همتك (5) فلله أنت من طالب ومطلوب ويا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها وما أكسبك
(٢٩١)