تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ١٦٣
مما أحب أنه ارتضى الايمان فاشتقه من اسمه (1)، فنحله من أحب من خلقه، ثم بينه فسهل شرائعه لمن ورده وأعز أركانه على من جانبه (2) وجعله عزا لمن والاه وأمنا لمن دخله. وهدى لمن ائتم به. وزينة لمن تحلى به. ودينا لمن انتحله. وعصمة لمن اعتصم به. وحبلا لمن استمسك به. وبرهانا لمن تكلم به. وشرفا لمن عرفه. وحكمة لمن نطق به. ونورا لمن استضاء به. وحجة لمن خاصم به. وفلجا لمن حاج به (3). وعلما لمن وعى. وحديثا لمن روى. وحكما لمن قضى. وحلما لمن حدث (4). ولبا لمن تدبر.
وفهما لمن تفكر. ويقينا لمن عقل. وبصيرة لمن عزم. وآية لمن توسم. وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن آمن به. ومودة من الله لمن صلح (5). وزلفى لمن ارتقب. وثقة لمن توكل.
وراحة لمن فوض. وصبغة لمن أحسن. وخيرا لمن سارع. وجنة لمن صبر. ولباسا لمن اتقى. وتطهيرا لمن رشد وأمنة لمن أسلم (6) وروحا للصادقين. فالايمان أصل الحق.

(1) قال الله تبارك وتعالى في سورة الحشر آية 23 " هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن - الآية ". وليس المراد من اشتقاقه اشتقاق اللفظ من اللفظ فقط بل اشتقاق الحقيقة والمعنى من اسمه تعالى كما جاء في حديث المعراج إن الله تعالى قال لي: يا محمد اشتققت لك اسما من أسمائي فأنا المحمود وأنت محمد واشتققت لعلى اسما من أسمائي فأنا الاعلى وهو على وهكذا فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكلهم أشباح نور من نوره تعالى جل اسمه.
واما الايمان فرابطة باطنية بين الله وعبده، به يعبد الله وبه يتقرب إليه وبه ينجو من الهلكة ويهدى من الضلالة ويخرج من الظلمة وله آثار في الخارج تظهر من أعضاء المؤمن وجوارحه من الصالحات والأعمال الحسنة فالايمان بمنزلة شجرة منبتها في القلب وأغصانها تظهر من الأعضاء والجوارح وثمارها الأخلاق الحسنة والملكات الفاضلة والأعمال الصالحة وكل صفة من الأوصاف الحسنة كالسخاوة والشجاعة. والعدل ثمرة من ثمراتها كما أن البخل والجبن والظلم من ثمرات الكفر.
(2) يقال: جانبه أي سار إلى جنبه. وفى الكافي [لمن حاربه] وفى النهج [على من غالبه].
أي حاول أن يغلبه ولعله أظهر.
(3) الفلج الظفر والفوز.
(4) في الكافي [لمن جرب].
(5) في الكافي [وتؤدة لمن أصلح وزلفى لمن اقترب].
(6) الامنة - بفتح الثلاثة -: الامن والسلم.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست