أما النهار فحكماء علماء، أبرار أتقياء، قد براهم الخوف أمثال القداح (1) ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ويقول: قد خولطوا (2) وقد خالط القوم أمر عظيم إذا هم ذكروا عظمة الله تعالى وشدة سلطانه، مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة أفزع ذلك قلوبهم وطاشت له أحلامهم (3) وذهلت له عقولهم فإذا أشفقوا من ذلك (4) بادروا إلى الله بالاعمال الزاكية لا يرضون باليسير ولا يستكثرون له الكثير. هم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون إذا زكي أحدهم خاف مما يقولون، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي منى. اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون إنك علام الغيوب.
فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين. وخوفا في لين. وإيمانا في يقين (5).
وحرصا في علم. وكيسا في رفق (6) وشفقة في نفقة. وفهما في فقه. وعلما في حلم. وقصدا في غنى (7). وخشوعا في عبادة. وتجملا في فاقة (8) وصبرا في شدة. ورحمة للمجهود وإعطاء في حق. ورفقا في كسب. وطلبا في حلال. ونشاطا في هدى وتحرجا عن طمع (9) وبرا في استقامة واعتصاما عند شهوة. لا يغره ثناء من جهله. ولا يدع إحصاء