ولا يزارون. حلماء قد بارت أضغانهم (1) جهلاء قد ذهبت أحقادهم. لا تخشى فجعتهم ولا يرجى دفعهم. وهم كمن لم يكن وكما قال الله سبحانه: " فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين " (2). استبدلوا بظهر الأرض بطنا وبالسعة ضيقا وبالأهل غربة وبالنور ظلمة. جاؤوها كما فارقوها، حفاة عراة. قد ظعنوا منها بأعمالهم إلى الحياة الدائمة وإلى خلود أبد يقول الله تبارك وتعالى: " كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا إنا كنا فاعلين " (3).
* (خطبته عليه السلام عندما أنكر عليه قوم) * تسويته بين الناس في الفئ (4) أما بعد أيها الناس فإنا نحمد ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا، ظاهرة وباطنة بغير حول منا ولا قوة إلا امتنانا علينا وفضلا ليبلونا أنشكر أم نكفر فمن شكر زاده ومن كفر عذبه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحدا صمدا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والانعام، نعمة أنعم بها ومنا وفضلا صلى الله عليه وآله وسلم.
فافضل الناس - أيها الناس - عند الله منزلة وأعظمهم عند الله خطرا أطوعهم لأمر الله وأعملهم بطاعة الله وأتبعهم لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وأحياهم لكتاب الله فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله واتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد نبي الله وسيرته فينا، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند عن الله عز وجل يقول الله: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقيكم (5) " فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم