(عهده عليه السلام إلى الأشتر حين ولاه مصر وأعمالها) [بسم الله الرحمن الرحيم] (1).
هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه حين ولاه مصر: جباية خراجها ومجاهدة عدوها واستصلاح أهلها وعمارة بلادها.
أمره بتقوى الله وإيثار طاعته واتباع ما أمر الله به في كتابه: من فرائضه وسننه التي لا يسعد أحد إلا باتباعها ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها وأن ينصر الله بيده وقلبه ولسانه، فإنه قد تكفل بنصل من نصره إنه قوي عزيز وأمره أن يكسر من نفسه عند الشهوات فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم.
وأن يعتمد كتاب الله عند الشبهات، فإن فيه تبيان كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. وأن يتحرى رضا الله، ولا يتعرض لسخطه ولا يصر على معصيته، فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه.
ثم اعلم يا مالك أني وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل و جور وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك.
ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده. فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح بالقصد فيما تجمع وما ترعى به رعيتك. فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك (2)، فإن الشح بالنفس الانصاف منها فيما أحببت وكرهت. وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة